وروي عن ميمونة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن سمن جامد وقعت فيه فأرة فقال ألقوها وما حولها وكلوه.
وأما إن كان مايعا فالكلام في السمن والزيت والشيرج والبزر وهذه الأدهان كلها واحد فمتى وقعت الفأرة وماتت فيه نجس كله، ويجوز عندنا وعند جماعة الاستصباح به في السراج، ولا يؤكل ولا ينتفع به في غير الاستصباح وفيه خلاف، ورووا أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف، وهذا يدل على أن دخانه نجس غير أن عندي أن هذا مكروه.
فأما دخانه ودخان كل نجس من العذرة وجلود الميتة كالسرجين والبعر وعظام الميتة عندنا ليس بنجس، فأما ما يقطع بنجاسته قال قوم دخانه نجس وهو الذي دل عليه الخبر الذي قدمناه من رواية أصحابنا، وقال آخرون وهو الأقوى عندي أنه ليس بنجس.
فأما رماد النجس فعندنا طاهر وعندهم نجس وإنما قلنا ذلك لما رواه أصحابنا من جواز السجود على جص أوقد عليه بالنجاسات، فإذا ثبت هذا فمن قال الدخان ليس بنجس فلا كلام، ومن قال نجس فإن علق بالثوب منه شئ، فإن كان يسيرا كان معفوا عنه كدم البراغيث، وإن كان كثيرا وجب غسله.
فأما إذا سجر التنور بالأعيان النجسة وتعلق بوجه التنور دخانه، فإن كان نجسا فلا يخبز عليه حتى يزال بمسح أو غيره، فإن خبز عليه قبل المسح كان ظهر الرغيف نجسا ووجهه طاهرا فلا يحل أكله حتى يغسل ظهره، وعلى ما قلناه يسقط عنا جميع ذلك ولا نحتاج إلى ما قالوه.
فأما إذا نجس شئ من هذه الأدهان فهل يجوز غسله أم لا؟ فعندنا لا يجوز غسله ولا يطهر به على حال، وعندهم إن كان مما يختلط بالماء ولا يتميز عنه ولا يعلو عليه لم يجز غسله، وهو السمن، لأنه لا يتأتى فيه الغسل، كاللبن والخل وما أشبهما وإن أمكن غسله بأن يصب الماء فيه فيعلو عليه ويتميز عنه وهو الشيرج والزيت قال قوم يجوز غسله لأنه ينفصل عن الماء كالثوب فعلى هذا إذا كان في إناء فكاثره