فإن قال: لي مال أحضره من البيت، أو من موضع قريب لا يمضي في الذهاب إليه زمان كثير أجبر السيد على إنظاره حتى يمضي ويجئ بالمال، وهكذا إن كان معه مال من غير الجنس الذي عليه، فإنه ينظر إلى أن يفعل ذلك.
فإذا كان المال على موضع بعيد وكان يمضي في الذهاب إليه مدة طويلة فإن السيد لا يجبر على تأخيره إلى ذلك الوقت، لأن عليه ضررا كثيرا فيه.
وأما إذا كان العبد غايبا فليس للسيد أن يعجزه بفسخ في الحال، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ويثبت عنده الكتابة، وحلول المال على المكاتب، وأنه لم يؤد إليه شيئا ويحلفه الحاكم على ذلك، فإن هذا قضاء على الغائب فاحتاج إلى اليمين، فإذا فعل الحاكم هذا [كتب إلى حاكم بلد المكاتب حتى يطالبه بمال الكتابة، فإن عجز نفسه] ظ يكتب إلى حاكم ذلك البلد حتى يخبر السيد بعجز المكاتب، فيفسخ الكتابة.
فإن ذكر أن له مالا فإن لم يكن له وكيل، فإن الحاكم يكلف المكاتب أن يوصل المال إلى السيد إما بنفسه أو ينفذه مع أمين له، فإذا فعل ذلك ووصل المال إلى السيد عتق فإن أخر الانفاذ حتى مضت مدة لو أنفذ المال لكان قد وصله كان للسيد أن يفسخ الكتابة.
وإن كان للسيد وكيل بذلك البلد كلفه الحاكم دفع المال إليه، فإذا فعل عتق العبد. فإن لم يفعل كان للسيد أن يفسخ في الحال، وكذلك الوكيل إذا كان السيد قد جعل إليه الفسخ، فله أن يفسخ في الحال.
إذا كاتب عبدا ثم جن المكاتب فإن الكتابة لا تنفسخ بجنونه لأنها عقد لازم من أحد الطرفين، فلم ينفسخ الكتابة بالجنون، كالرهن، ويفارق الشركة وغيرها من العقود الجايزة لأنها جايزة من الطرفين معا فلذلك انفسخت بالجنون.
فأما إذا ثبت أنها لا ينفسخ، فالسيد لا يمكنه أن يطالب العبد بمال الكتابة لأن الدفع متعذر من جهته، لكن يرفع الأمر إلى الحاكم، ويثبت عنده الكتابة والعجز عن أداء المال، ويستحلفه على ذلك، لأنه قضاء على من لا يعبر عن نفسه، فافتقر إلى الاستحلاف.