الثالثة إذا قال إلى القاضي، قال قوم يرجع هذا إلى قاضي البلد، من كان قاضيه لأنه عرفه ولم يعينه، فإن كان له قاض رفعه إليه، وإن مات أو عزل لم يفت رفعه لأن كل من ولي بعده مكانه فهو قاضي البلد وهذا قريب.
إذا حلف ما له مال، وله مال يتمول في العادة حنث، سواء كان زكاتيا كالأثمان والثمار والماشية والزرع، أو كانت غير زكاتية كالعقار والأثاث والبغال والحمير، وهكذا إن قال إن شفى الله مريضي فلله على أن أتصدق بمالي، تناول كل ما يتمول كالأثمان، وقال قوم لا يعلق ذلك إلا بالزكاتية، والأول أقوى عندي، وقد رواه أصحابنا في النذر فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله.
فأما إن كان له مال في الذمة نظرت، فإن كان حالا حنث لأن اسم الملك يقع عليه، وإن كان إلى أجل قال قوم لا يحنث لأنه لا مال في ذمته في الآجل وقال قوم وهو الصحيح إنه يحنث لأن ذمته مشغولة به بدليل أنه لو أبرأه برئ، وإن كان قبل المحل، فلو لم يكن له لما برئ.
إذا حلف ليضربن عبده مائة سوط أو قال مائة فأخذ ضغثا فيه مائة شمراخ فضربه به دفعة واحدة، أو شد مائة سوط فضربه بها دفعة واحدة ففيه ثلاث مسائل إن علم أنه ما وصل بعضها إلى بدنه لم يبر في يمينه، وإن علم أنها وقعت كلها على بدنه فقد بر في يمينه عندنا، وقال بعضهم لا يعتد له إلا بواحدة.
وأما إذا قال ليضربنه مائة مرة فلا يعتد إلا بضربة واحدة بلا خلاف.
وإن حلف ليضربنه مائة ضربة قال بعضهم لا يبر حتى يضرب مائة مرة لأنه يجري مجرى قوله مائة مرة، ولهذا قلنا في الرمي بسبع حصيات دفعة واحدة لم يعتد إلا بواحدة، وقال بعضهم يبر بضرب مرة واحدة لأن الضربة إيصال ضربة إلى بدنه فإذا وقعت الشماريخ عليه دفعة واحدة فقد أوصل إلى بدنه مائة ضربة وهذا الأقوى عندي.
فلا فصل في جميع ذلك بين أن يؤلمه بالضرب أو لا يؤلمه، بعد أن يفعل ما يقع عليه اسم الضرب: وهو أن يرفع يده أولا ثم يوقع الضرب به، فأما إذا وضعه على كتفه وضعا