جميعه بلا خلاف إلا شاذا منهم، فإنه قال يحنث ولا سبيل له إلى البر، لأنه يحنث باستدامة السكنى، وخروجه منها عقيب يمينه سكون فيها، فوجب أن يحنث، و الأول أصح.
فإذا ثبت أنه لا يحنث، فإن عاد بعد أن خرج منها لنقل رحله أو عيادة مريض أو لغير سكنى لم يحنث، لأن اليمين قد انقطعت بالخروج فإذا عاد إليها لم يحنث.
هذا إذا أقام عقيب يمينه للسكنى أو لم يقم، فأما إن أقام عقيب يمينه لا للسكنى ولكن لنقل الرحل والمال، قال بعضهم يحنث، وقال آخرون إن أقام عقيب يمينه لجمع الرحل والمال ونقل العيال لم يحنث: بناه على أصله أن السكنى ما كان بالبدن والمال والعيال معا، فإذا أقام لنقل هذا لم يكن ساكنا، وهو الذي يقوى في نفسي.
فإذا ثبت أنه لا يحنث بترك السكنى ويحنث به، فالكلام في ثبات السكنى ما هو؟ فقال قوم السكنى بالبدن دون المال والعيال، فمن سكن ببدنه حنث وإن نقل العيال والمال، وإن انتقل بنفسه بر في يمينه وإن لم ينقل العيال والمال.
وقال بعضهم: السكنى بنفسه وبالعيال دون المال، وقال آخرون ببدنه وبالعيال والمال، وقال بعضهم إن بقي من ماله ما يمكن سكنى الدار معه فما نقل المال، وإن بقي ما لا يمكن سكنى الدار معه فقد نقل المال وبر في يمينه فكأنه فسر المذهب و الأول أقوى عندي.
إذا كان مساكنا لغيره في مسكن فحلف وهما في المسكن لا ساكنته، فإن أقام بعد يمينه بمدة يمكنه الخروج فلم يفعل حنث، لأن الاستدامة كالابتداء، وإن خرجا أو خرج أحدهما عقيب يمينه من غير فصل لم يحنث، لأنه بالخروج قد ترك المساكنة ولا فرق بين السكنى والمساكنة أكثر من أنه إذا حلف لا سكنت تعلق اليمين بفعله وحده، وإذا حلف لا ساكنته تعلق به وبمن ساكنه.
إذا حلف لا ساكنته وكان مساكنا له في مكان واحد قال بعضهم إن حصل بينهما حاجز من جدار ونحوه لم يحنث، هذا إذا خرج عقيب اليمين وبنى بينهما حاجز ثم سكناها فأما إن أقام في الموضع حتى يبني بينهما حاجز، فإنه يحنث.