فالسلطان ينظر فيما عليه وفيما هو ماله الآن، فإن كان من جنس الدين قضاه منه، وإن كان من غير جنسه، فإن كان له عقار وغيره باع عليه غير العقار في دينه، فإن لم يكن له غير العقار باع فيه العقار، وصرف ثمنه إلى ما هو عليه وفيه خلاف.
وإذا كان عليه نفقة زوجة من الطعام و الأدام والكسوة، وكان له عليها دين من جنس ما لها عليه، فأراد أن يحتسب ما وجب لها عليه بما وجب له عليها لم يخل من أحد أمرين: إما أن تكون موسرة أو معسرة.
فإن كانت موسرة كان ذلك له، لأن من عليه الدين كان له أن يقضي دينه من أي أمواله شاء، وهذا له مال في ذمتها، فوجب أن يملك قضاء دينه منه.
وإن كانت معسرة لم يكن ذلك له، لأنه إنما يجب قضاء الدين في الفاضل عن قوته، وهذا لا يفضل لها عن قوتها، فليس عليها أن يجعله في الدين، فإذا لم يكن عليها لم يكن له ذلك.
ولأنها إذا كانت معسرة فعليه أن تؤخرها إلى اليسار، وإذا وجب الإنظار كان بمنزلة الدين المؤجل، ومن له دين إلى أجل ووجب عليه دين حال لم يكن له جعل الحال عليه بالمؤجل به.
ليس للرجل أن يجبر زوجته على إرضاع ولدها منه، شريفة كانت أو مشروفة موسرة كانت أو معسرة، دنية كانت أو نبيلة، وفيه خلاف.
إذا ثبت أنها لا تجبر على ذلك فإن تطوعت به كره له منعها منه، لأنها أشفق عليه وأحنى وأرفق، وتدر عليه ما لا تدر عليه غيرها ويستمرئ لبنها ما لا يستمرئ لبن غيرها وقال بعضهم له منعها منه لأن له منعها من كل ما يشغلها عنه وأثر في الاستمتاع بها من وطي ولمس ونظر إلا في أوقات العبادات، وهو الأقوى عندي.
فأما إن امتنعت إلا بأجرة فاستأجرها لذلك كان الإجارة باطلة وهكذا إن استأجرها لخدمته.
وإن آجرت نفسها لرضاع أو لخدمة بغير إذنه كانت باطلة وإنما لم يصح أن تؤاجر نفسها من غيره لأنها عقدت على منافع لا يقدر على إيفائها، فإن زوجها