فأما لو حلف لا شربت من ماء هذه الإداوة فشرب منه قطرة حنث لأنه قد شرب منه، ولو حلف لأشربن من ماء هذه الإداوة فإذا شرب منه ولو قطرة، بر في يمينه لأنه شرب منه.
وهكذا كل إناء فيه ما يمكن أن يشربه كله كالحب والبركة والمصنع العظيم فشربه والحكم فيه كالإداوة سواء.
فأما دجلة والنهر فإذا حلف لا شرب من ماء دجلة أو من ماء هذا النهر، فمتى شرب منه قطرة حنث، لأنه قد شرب منه، وكذلك الإثبات إذا قال لأشربن منه فشرب قطرة بر، فأما إن أطلق فقال لا شربت ماء دجلة فشرب منه، قال بعضهم متى شرب منه حنث، لأنه إذا قال لا شربت ماء دجلة فمعلوم أنه لا يمكنه شربه كله، ثبت أنه أراد لا شربت منه فيحنث إذا شربه، كما حلف لا أكلت خبز الحواري فإنه يحنث بأكل لقمة كذلك ها هنا وجب أن يحنث بشرب جرعة منه.
وقال آخرون إنه لا يحنث وهو الأقوى عندي لأن قوله " ماء " نكرة وقوله " دجلة " للتعريف وكانت الحقيقة كله كماء الإداوة سواء وكان كقوله والله لا صعدت السماء فإنه لا يحنث فيه بحال، وما قالوه من خبز الحوارى فلان الحواري صفة الخبز فكأنه قال الخبز الحوارى الأبيض ولو قال الخبز الأبيض تعلق بكل لقمة منه، كقوله الماء العذب فتعلق بكل شربة منه، وليس كذلك في مسئلتنا لأنها نكرة أضيفت إلى معرفة فكانت معرفة وتعلقت اليمين بالكل.
فإن حلف لا شربت من النهر لا شربت من دجلة، فمتى شرب من مائها حنث سواء غرف بيده أو في كوز أو غيره على أي وجه، شرب منها أو كرع فيها كالبهيمة، و قال بعضهم لا يحنث حتى يكرع منها كالبهيمة لأنه إذا شرب غرفا بيده فما شرب منها وإنما شرب من يده وهو الأقوى عندي.
كل من حلف يمينا على فعل فاعل تعلقت اليمين بفعل ذلك الفاعل في باب البر والحنث، ولا يتعلق بفعل غيره. من ذلك:
إذا حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك، فقد علق اليمين بفعل نفسه وحده