والتعبد الشرعي المكشوف عنه بالروايات، فإن الوقف متعلق لحق الله، حيث يعتبر فيه التقرب ويكون لله تعالى عمله وعليه عوضه.
وقد يرتفع بعض هذه الموانع فيبقى الباقي، وقد يرتفع كلها، وسيجئ التفصيل.
ثم إن جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف إلى أن يباع، فالوقف يبطل بنفس البيع لا بجوازه، فمعنى جواز بيع العين الموقوفة: جواز إبطال وقفها إلى بدل أو لا إليه، فإن مدلول صيغة الوقف وإن أخذ فيه الدوام والمنع عن المعاوضة عليه، إلا أنه قد يعرض ما يجوز مخالفة هذا الإنشاء، كما أن مقتضى العقد الجائز كالهبة تمليك المتهب المقتضي لتسلطه المنافي لجواز انتزاعه من يده، ومع ذلك يجوز مخالفته وقطع سلطنته عنه، فتأمل.
إلا أنه ذكر بعض في هذا المقام: أن الذي يقوى في النظر بعد إمعانه: أن الوقف ما دام وقفا لا يجوز بيعه، بل لعل جواز بيعه مع كونه وقفا من التضاد. نعم، إذا بطل الوقف اتجه حينئذ جواز بيعه، ثم ذكر بعض مبطلات الوقف المسوغة لبيعه (1).
وقد سبقه إلى ذلك بعض الأساطين في شرحه على القواعد، حيث استدل على المنع عن بيع الوقف - بعد النص والإجماع، بل الضرورة -: بأن البيع وأضرابه ينافي حقيقة الوقف، لأخذ الدوام فيه، وأن نفي المعاوضات مأخوذ فيه ابتداء (2).