من السلاطين، والحاصلة من الموقوفات للمدارس وأهل العلم، والموجودة الحاصلة غالبا للعلماء والمشتغلين من معاشرة السلطان وأتباعه والمراودة مع التجار والأغنياء والعلماء الذين لا ينتفع منهم إلا بما في أيديهم من وجوه الزكوات ورد المظالم والأخماس وشبه ذلك، كما كان ذلك (1) متعارفا في ذلك الزمان، بل في كل زمان، فربما جعل الاشتغال بالعلم بنفسه سببا للمعيشة من الجهات التي ذكرناها.
وبالجملة، فلا شهادة فيما ذكر من كلام الشهيد رحمه الله - من أوله إلى آخره - وما أضاف إليه من الروايات في الجمع المذكور، أعني: تخصيص أدلة طلب الحلال بغير طالب العلم.
ثم إنه لا إشكال في أن كلا من طلب العلم وطلب الرزق ينقسم إلى الأحكام الأربعة أو الخمسة.
ولا ريب أن المستحب من أحدهما لا يزاحم الواجب، ولا الواجب الكفائي الواجب العيني. ولا إشكال أيضا في أن الأهم من الواجبين العينيين (2) مقدم على غيره، وكذا الحكم في الواجبين الكفائيين مع ظن قيام الغير به. وقد يكون كسب الكاسب مقدمة لاشتغال غيره بالعلم، فيجب أو يستحب مقدمة.
بقي الكلام في المستحب من الأمرين عند فرض عدم إمكان الجمع بينهما، ولا ريب في تفاوت الحكم بالترجيح باختلاف الفوائد المرتبة على الأمرين.