بين أدلة طلب مطلق العلم، الشامل لمعرفة مسائل العبادات وأنواع المعاملات المتوقف على الاجتهاد، وبين أدلة طلب الاكتساب والاشتغال في تحصيل المال لأجل الإنفاق على من ينبغي أن ينفق عليه، وترك إلقاء كله على الناس الموجب لاستحقاق اللعن، فإن الأخبار من الطرفين كثيرة.
يكفي في طلب الاكتساب ما ورد: من أنه " أوحى الله تعالى إلى داود على نبينا وآله وعليه السلام: يا داود إنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا. فبكى عليه السلام أربعين صباحا ثم ألان الله تعالى له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعا ويبيعه بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها واستغنى عن بيت المال... الحديث " (1).
وما أرسله في الفقيه عن الصادق عليه السلام: " ليس منا من ترك دنياه لآخرته، أو آخرته لدنياه " (2)، وأن " العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال " (3).
وأما الأخبار في طلب العلم وفضله فهي أكثر من أن تذكر، وأوضح من أن تحتاج إلى الذكر.
وذكر في الحدائق: أن الجمع بينهما بأحد وجهين:
أحدهما - وهو الأظهر بين علمائنا -: تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم، ويقال بوجوب ذلك على