أعني قولهم: " الراهن والمرتهن ممنوعان "، ومعلوم أن المنع في المرتهن إنما هو على وجه لا ينافي وقوعه موقوفا، وحاصله يرجع إلى منع العقد على الرهن والوفاء بمقتضاه على سبيل الاستقلال وعدم مراجعة صاحبه في ذلك. وإثبات المنع أزيد من ذلك يحتاج إلى دليل، ومع عدمه يرجع إلى العمومات.
وأما ما ذكره من منع جريان التعليل في روايات العبد فيما نحن فيه مستندا إلى الفرق بينهما، فلم أتحقق الفرق بينهما، بل الظاهر كون النهي في كل منهما لحق الغير، فإن منع الله جل ذكره من تفويت حق الغير ثابت في كل ما كان النهي عنه لحق الغير، من غير فرق بين بيع الفضولي ونكاح العبد وبيع الراهن.
وأما ما ذكره من المساواة بين بيع الراهن وبيع الوقف وأم الولد، ففيه: أن الحكم فيهما تعبد، ولذا لا يؤثر الإذن السابق في صحة البيع، فقياس الرهن عليه في غير محله.
وبالجملة، فالمستفاد من طريقة الأصحاب، بل الأخبار: أن المنع من المعاملة إذا كان لحق الغير الذي يكفي إذنه السابق لا يقتضي الإبطال رأسا، بل إنما يقتضي الفساد، بمعنى عدم ترتب الأثر عليه مستقلا من دون مراجعة ذي الحق. ويندرج في ذلك:
الفضولي وعقد الراهن، والمفلس، والمريض، وعقد الزوج لبنت أخت زوجته أو أخيها، وللأمة على الحرة وغير ذلك، فإن النهي في جميع ذلك إنما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتب الأثر (1) المقصود من العقد