الفتنة التي يستباح بها الأنفس.
والحاصل: أن جميع الفتاوى المتقدمة في جواز بيع الوقف - الراجعة إلى اعتبار أداء بقاء الوقف علما أو ظنا أو احتمالا إلى مطلق الفساد، أو فساد خاص، أو اعتبار الاختلاف مطلقا، أو اختلاف خاص - مستندة إلى ما فهم أربابها من المكاتبة المذكورة.
والأظهر في مدلولها: هو إناطة الجواز بالاختلاف الذي ربما جاء فيه تلف الأموال والنفوس، لا مطلق الاختلاف، لأن الذيل مقيد، ولا خصوص المؤدي علما أو ظنا، لأن موارد استعمال لفظة " ربما " أعم من ذلك، ولا مطلق ما يؤدي إلى المحذور المذكور، لعدم ظهور الذيل في التعليل بحيث يتعدى عن مورد النص وإن كان فيه إشارة إلى التعليل.
وعلى ما ذكرنا، فالمكاتبة غير مفتى بها عند المشهور، لأن الظاهر اعتبارهم العلم أو الظن بأداء بقائه إلى الخراب الغير الملازم للفتنة الموجبة لاستباحة الأموال والأنفس، فيكون النسبة بين فتوى المشهور ومضمون الرواية عموما من وجه.
لكن الإنصاف: أن هذا لا يمنع من جبر ضعف دلالة الرواية وقصور مقاومتها للعمومات المانعة، بالشهرة، لأن اختلاف فتاوى المشهور إنما هو من حيث الاختلاف في فهم المناط الذي أنيط به الجواز من قوله عليه السلام: " إن كان قد علم الاختلاف... " المنضم إلى قوله:
" فإنه ربما جاء في الاختلاف... ".
وأما دلالة المكاتبة على كون مورد السؤال هو الوقف المؤبد التام، فهي - على تقدير قصورها - منجبرة بالشهرة، فيندفع بها ما يدعى