وأما ما علم أنه كان يباع جزافا في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، فالظاهر جواز بيعه كذلك عندنا مع عدم الغرر قطعا، والظاهر أنه إجماعي، كما يشهد به دعوى بعضهم الإجماع على أن مثل هذا ليس بربوي (1)، والشهرة محققة على ذلك.
نعم، ينافي ذلك بعض ما تقدم من إطلاق النهي عن بيع المكيل والموزون جزافا، الظاهر فيما تعارف كيله في زمان الإمام عليه السلام أو في عرف السائل أو في عرف المتبايعين أو أحدهما، وإن لم يتعارف في غيره. وكذلك قوله عليه السلام: " ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة " (2) الظاهر في وضع المكيال عليه عند المخاطب وفي عرفه وإن لم يكن كذلك في عرف الشارع.
اللهم إلا أن يقال: إنه لم يعلم أن (3) ما تعارف كيله أو وزنه في عرف الأئمة وأصحابهم، كان غير مقدر في زمان الشارع حتى يتحقق المنافاة. والأصل في ذلك: أن مفهوم المكيل والموزون في الأخبار لا يراد بهما " كل ما فرض صيرورته كذلك " حتى يعم ما علم كونه غير مقدر في زمن الشارع، بل المراد بهما المصداق الفعلي المعنون بهما في زمان المتكلم، وهذه الأفراد لا يعلم عدم كونها مكيلة ولا موزونة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.