تحريمه لا يوجد له وجه، بعد ثبوت أدلة التحريم، ووجوب طلب العلم على كل مسلم، وعدم تقبيح عقاب من التفت إلى وجود الحرام في أفراد البيع التي يزاولها تدريجا على ارتكاب الحرام في هذا (1) الأثناء وإن لم يلتفت حين إرادة ذلك الحرام.
ثم إن المقام يزيد على غيره بأن الأصل في المعاملات الفساد، فالمكلف إذا أراد التجارة وبنى على التصرف فيما يحصل في يده من أموال الناس (2) على وجه العوضية يحرم عليه ظاهرا الإقدام على كل تصرف منها بمقتضى أصالة عدم انتقاله إليه إلا مع العلم بإمضاء الشارع لتلك المعاملة، ويمكن أن يكون في قوله عليه السلام: " التاجر فاجر، والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق " (3) إشارة إلى هذا المعنى، بناء على أن الخارج من العموم ليس إلا من علم بإعطاء الحق وأخذ الحق.
فوجوب معرفة المعاملة الصحيحة في هذا المقام (4) شرعي، لنهي الشارع عن التصرف في مال لم يعلم انتقاله إليه، بناء على أصالة عدم انتقاله إليه. وفي غير هذا المقام عقلي مقدمي لئلا يقع في الحرام.
وكيف كان، فالحكم باستحباب التفقه للتاجر محل نظر، بل الأولى وجوبه عليه عقلا وشرعا، وإن كان وجوب معرفة باقي المحرمات من باب العقل فقط.