ثم إن الخلاف في أصل المسألة لم يظهر إلا من الفاضل القطيفي المعاصر للمحقق الثاني، حيث حكي عنه أنه قال في إيضاح النافع:
إن القدرة على التسليم من مصالح المشتري فقط، لا أنها شرط في أصل صحة البيع، فلو قدر على التسلم صح البيع وإن لم يكن البائع قادرا عليه، بل لو رضي بالابتياع مع علمه بعدم تمكن البائع من (1) التسليم جاز وينتقل إليه، ولا يرجع على البائع، لعدم القدرة إذا كان البيع على ذلك مع العلم، فيصح بيع المغصوب ونحوه. نعم، إذا لم يكن المبيع من شأنه أن يقبض عرفا لم يصح المعاوضة عليه بالبيع، لأنه في معنى أكل مال بالباطل، وربما احتمل إمكان المصالحة عليه. ومن هنا يعلم: أن قوله - يعني المحقق في النافع -: " لو باع الآبق منفردا لم يصح "، إنما هو مع عدم رضا المشتري، أو مع عدم علمه، أو كونه بحيث لا يتمكن منه عرفا، ولو أراد غير ذلك فهو غير مسلم (2)، انتهى.
وفيه: ما عرفت من الإجماع، ولزوم الغرر الغير المندفع بعلم المشتري، لأن الشارع نهى عن الإقدام عليه، إلا أن يجعل الغرر هنا بمعنى الخديعة، فيبطل في موضع تحققه، وهو عند جهل المشتري. وفيه ما فيه.
ثم إن الظاهر - كما اعترف به بعض الأساطين (3) -: أن القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع، وإنما المقصد الأصلي هو