مثل دراهم مخمسة، أو غلة مورثة، أو نحو ذلك، فهل تحسب المؤونة من ذلك المال أو من الأرباح أو منهما معا بالنسبة؟ كما لو كانت مؤونته مائة وأرباحه مائتين وماله الآخر مائتين، فإذا وزع المؤونة على المالين بالمناصفة فيخمس مائة وخمسين من الأرباح، ذكر جماعة من الأصحاب فيه الوجوه الثلاثة (")، ويظهر من جماعة أن الأوسط أظهر، والأول أحوط، والآخر أعدل (")، ورجح المحقق الأردبيلي - رحمه الله - الأول (").
أقول: والأخبار وإن كانت ظاهرة في اخراج المؤونة من الأرباح، سيما رواية الهمداني ورواية النيشابوري، ورواية محمد بن الحسن الأشعري، لكن الظاهر منها أيضا انحصار المستغل فيما حصل منه الربح، فلا دلالة فيها على الوضع من الربح وإن كان له ما يصرفه في المؤونة، ولا يحتاج إلى صرف الربح فيها.
وادعى المحقق الأردبيلي - رحمه الله - تبادر صورة الاحتياج من قوله عليه السلام: " الخمس بعد المؤونة " يعني إذا احتاج الرجل في مؤونته إلى صرف الأرباح فلا خمس عليه فيما يحتاج إليه من ذلك، وأما مع عدم الاحتياج لوجود مال آخر يصرفه في المؤونة فيجب الخمس.
واستدل أيضا بعموم أدلة الخمس وعدم وضوح صحة دليل المؤونة، وأن الاجماع ونفي الضرر إنما يثبتان ما لو احتاج في المؤونة إلى إنفاق الأرباح، وبأن ذلك يؤول إلى عدم الخمس في أموال كثيرة مع عدم الاحتياج إلى صرفها في المؤونة، مثل أرباح تجارات السلاطين وزراعتهم، وأكابر الزراع والتجار، وهو مناف لحكمة تشريع الخمس في الجملة.
أقول: ويمكن أن يكون نظر من يرجح الأوسط - بعد ادعاء التبادر من اللفظ كما ذكرنا - إلى أن فتاوى العلماء مجملة، وكذلك إجماعاتهم المنقولة، ومع ملاحظة