النجس، ونجاسة ملاقيه - وهو الشفتان مثلا - من الالتزام بأحد الأجوبة السابقة، وقد عرفت ما فيها.
ولعل القائلين برفع العقاب، أو بعدم شمول الحديث للأحكام الوضعية، لما رأوا هذه المعضلة التزموا بذلك، وإلا فدعوى: أن الأحكام المرفوعة به هي الثابتة بالإطلاق، دون الثابتة على الإطلاق (1)، غير كافية، لأن مثل الجنابة والنجاسة ثابتة بالإطلاق.
أو دعوى: أن تلك الوضعيات لا تنالها يد الجعل، فلا تنالها يد الوضع، غير كافية، لأن نيلها باعتبار أحكامها مما لا بأس به. مع أنها مما تنالها يد الجعل حسبما تحرر (2).
فيبقى في المقام جواب آخر: وهو أن في رفع النجاسة والجنابة بما هي هي، ليس سعة، فما فيه السعة هي الأحكام المترتبة عليها، كما أن الأحكام التي هي تترتب عليها ترتفع به، لما فيها من السعة، كحرمة الاستمناء والإجناب المحرم، وشرب النجس، وأكل الميتة. فما هو المرفوع هي حرمة الشرب بعد أكل النجس استكراها، كما فيما إذا اكره على أكل الميتة، وكان الإكراه مستمرا، فشرب في الأثناء الماء، مع أنه ينجس بملاقاة الشفة المتنجسة، فإذا لم يكن مكرها على شربه، ولا مضطرا إليه بالخصوص، فيلزم جواز شربه حين الإكراه، أو الاضطرار إلى أكل الميتة، وهكذا شرطية الطهارة من الحدث، والالتزام بذلك مشكل كما هو الواضح، فهذا الجواب أيضا غير كاف.
ويمكن أن يقال: إن في صورة الإكراه على الجنابة إذا زال الإكراه، فلا ترتفع