الوجوب والحرمة للمادة، وهي الصلاة والخمر، وهذا مما لا ريب فيه في الجملة.
ومن هنا ينقدح الأمر الآخر: وهو ما إذا كانت تلك المادة التي دخلت عليها الهيئة المذكورة، من الأمور العدمية.
مثلا: إذا اعتبر تشريعا ممنوعية المعاشرة مع الكفار، فورد في الحديث والكتاب مثلا: " اليوم تمنع العشرة مع الكفار " فبتوسط الهيئة يعتبر المادة - وهي المنع - أمرا مجعولا على المعاشرة، ويقال: " إن العشرة ممنوعة " ولا يكون هناك اعتبار الآثار قبل هذا المنع، حتى يقال: بأن هذا المنع باعتبار تلك الآثار، وهي الحشر مع الكفار في البيع والشراء، أو في غير ذلك من الأحكام العقلائية، والمعاشرات العرفية، بل يعتبر المعاشرة خارجا ممنوعة، وتصير النتيجة ممنوعية مطلق ما يناقض الحكم المذكور، من غير كونه مورد المنع، أو يكون المنع بلحاظه.
ومن هنا يظهر الأمر الآخر في مثل ما إذا ورد في الشرع: " إن صلاة الجمعة " مثلا " ليست واجبة " فإنه ولو كان بصورة الإخبار، إلا أنه إنشاء، أو إخبار عن الانشاء السابق، وعند ذلك لا تكون القضية سالبة محصلة، لما لا يعقل إنشاء السلب المحصل، بل يعتبر عدم الوجوب للصلاة، وتكون من الموجبة المعدولة.
ولذلك اتفقوا على جريان استصحاب عدم الوجوب والحرمة، وما هو إلا لأنه اعتبار شرعي، ولأجل هذا قالوا: " المستصحب إما حكم شرعي، أو موضوع ذو حكم " (1) فإن عدم الوجوب وإن لم يكن حكما تكليفيا، إلا أنه اعتبار وضعي على صلاة الجمعة، وقد اعتبر هذا المعنى بتوسط المعاني الأدوية، كهيئة الجملة المذكورة.
فعلى هذا، لو تدبرت فيما تلوناه عليك من المذكرات الإجمالية، يتبين لك ما هو المقصود في المقام، وهو أن في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلا: " رفع... تسعة " معنى حرفيا