وأما الرفع، فبلحاظ ثقل إيجاب الاحتياط في الأمم السابقة، ضرورة أنه مع إيجاب الاحتياط، لا يعد الجهل عذرا، ويكون الحكم الواقعي منجزا، بخلاف الأمر في هذه الأمة، فإذا لم يكن إيجاب الاحتياط في هذه الأمة، يكون المرفوع نفس التكليف. وأما بالقياس إلى الثلاث الأخيرة، فالمرفوع هي العناوين باعتبار عدم تعلق التكليف الإلزامي بها، والرفع باعتبار ثقل هذه التكاليف التي كانت مثلا في الشرائع السابقة.
فبالجملة: إن قضية الرفع عن الأمة، هو وجود الكلفة والثقل مع قطع النظر عن الرفع بينهم، إما لأجل درك العقل، أو لأجل وجود حكم الشرع، أو لأجل إمكان إيجاد الشرع حكما في تلك الموارد، وهذا المقدار يكفي لجواز إسناد " الرفع " واستعماله، فلا تخلط.
وغير خفي: أن ما أفيد هو الظاهر، وأما كون المرفوع إيجاب التحفظ، وإيجاب الاحتياط، أو كون المرفوع الحرمة الظاهرية في موارد الجهالة، كما ذهب إليه كثير من الأعلام حسب اختلاف الأفهام (1)، فهو غير جائز تخيله، فكما أن في الثلاث الثواني يكون الموصول مرفوعا بلحاظ الحكم مع قطع النظر عن الرفع، وإذا نسب إليه الرفع يتبين أن الحرمة ليست ثابتة في مورد الاضطرار والاستكراه، فإن " كل شئ اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله تعالى " (2) كذلك الأمر في غيرها، فشرب التتن مجهول، وهو مما لا تعلمه الأمة، فهو مرفوع لجهة جهله، كما أن تلك الثلاث مرفوع فيها الحكم بحسب اللب، للجهة المذكورة في الحديث، فالعدول عما أفيد عدول عن ظاهر الحديث.