وأما الثاني فالحق: أنه لا بد من الالتزام به، ضرورة أن المسند إليه في مقام الإرادة الاستعمالية، هي العناوين غير القابلة للرفع، سواء كان الحديث إخبارا عن الأحكام الإنشائية، أو إنشاء.
وما في تقرير العلامة النائيني (رحمه الله): " من أن الرفع التكويني مجاز هنا، وهو غير مقصود، والرفع التشريعي حقيقة، وهو المقصود، ضرورة أن المنظور رفع موضوعية هذه العناوين التسعة عن الأحكام الإلهية، ومعنى رفع الفعل والشئ تشريعا، هو رفع كونه مورد الاعتبار المولوي فعلا أو تركا، نظير قولهم: " لا صلاة قبل الزوال " أو " لا صيام في السفر " (1) في غاية السقوط.
ضرورة أولا: أن الرفع في ظاهر الكلام، مسند إلى الأشياء التكوينية، وكون المرفوع موضوعيتها يحتاج إلى العناية، فإذا قيل: " ارفع الحجر عن سطح البيت " فليس معناه إلا إزالته عنه، وهنا الأمر كذلك.
وثانيا: في الشبهات الحكمية الكلية، ليس الموضوع مندرجا تحت الحكم القانوني العام حتى يخرج بالرفع، وقد عرفت أن المسند إليه هو الموضوع.
وثالثا: في الثلاثة الأخيرة لم يكن الأمر كذلك، وتوهم أن الإخراج باعتبار دخول الكل في الشرائع السابقة (2)، فاسد، لأنه يلزم اللغز في الكلام، فإن المتكلم يريد عدم حرمة هذه الأمور في هذه الشريعة، فأفاد ذلك بأنه أخرج عن موضوع الحرمة الثانية في الشرائع القديمة، فإنه غير جائز، ولا سيما في مثل كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم).
فالإنصاف: أن تخيل الحقيقة في الإسناد (3) من التخيل البارد، بعد وجود المجاز،