الأعلام، لأن ما لا يعلمون أنه خمر مرفوع، وما لا يعلمون أنه حرام مرفوع، فالرفع يستند إلى " ما " الذي هو الموضوع مطلقا، وهو المفعول الأول، ولا يعقل أن يكون " ما " كناية عن الحكم إلا على التخيل المزبور الباطل بالضرورة.
وبالجملة: كما لا معنى لقولك: " إني أعلم الحرمة " إلا بمعنى أني أتصور الحرمة، كذلك لا معنى لقولك: " لا يعلم زيد الحرمة " بل هو يرجع إلى أنه لا يعلم أن كذا شئ حرام، وحيث إنه ليس في الكلام ما يدل على خصوص مجهولية الحرمة، فيلزم القول بالأعمية، أو الاجمال، ولا سبيل إلى الثاني، فيتعين الأول.
وهم ودفع لأحد أن يقول: إن المحذوف هو المفعولان، لأن مادة " علم " تتعدى إليهما، فيكون المعنى رفع ما لا يعلمون التتن حراما، ويكون التتن رافعا لإبهام لفظة " ما " فالمفعول الأول مبين الموصول، فيختص الحديث بالشبهة الحكمية.
ويندفع: بأن تقدير التتن وشربه بلا وجه، لجواز أن يكون الأمر كذلك: " رفع ما لا يعلمونه خمرا " أو " لا يعلمونه حراما " ولا برهان على لزوم رفع الإبهام بعد كون الإبهام موجبا للأعمية، وقد أتى به المتكلم مبهما، فعليه يكون الكلام هكذا:
" رفع ما لا يعلمونه حراما " أو " واجبا " أو " موجبا للعقاب والمؤاخذة " أو " الضيق " والحذف دليل العموم، وسيمر عليك احتمال لزوم الأخذ بالقدر المتيقن.
ومن هنا تتضح لأهل البصيرة أبواب التحقيق والبحث، وتظهر مواضع الضعف في كلمات القوم صدرا وذيلا، فإن حديث وحدة السياق (1) محفوظ، لأن المرفوع مطلقا هو الموضوع، إلا أنه في مقابل المحمول، ويكون أمرا تكوينيا.