الموثوق به ربما لا يكون مصيبا، فلا يوجب التنجيز إلا عند الإصابة وعلى تقدير، بخلاف العلم عند العالم، فإنه يرى نفسه مصيبا، ويكون الواقع منجزا عنده على كل تقدير.
فعلى ما تحرر، لا بأس بتراكم المنجزات الكثيرة على أمر واحد بالضرورة، والخلط بين ما نحن فيه، وبين المسائل التي تكون مورد الانكشاف بالبراهين والحجج، غير جائز كما هو الواضح، فإن هناك لا يتراكم، لما لا يحصل بالنسبة إلى شئ واحد علمان، أو انكشافان مستقلان، دون ما يوجب زيادة العلم واشتداده، وأما هاهنا فيجوز تراكم المنجزات، كقيام الصحاح على حكم واحد شرعي، ويكون الكل منجزا، بمعنى أنه يجوز لكل من المولى والعبد، الاحتجاج بكل واحد منها، كما لا يخفى.
إذا تبينت هذه الوجيزة يظهر: أن العلم الاجمالي بنجاسة الإناء الشرقي أو الغربي، ليس إلا موجبا لتنجيز الكبرى الشرعية الثابتة بالأدلة الظاهرية، وإذا لاقى الشرقي إناء آخر يحصل العلم الثاني بالنسبة إلى الطرف والملاقي - بالكسر - فيكون في جانب الطرف تراكم المنجزات، وقد عرفت جوازه.
ولعمري، إن هذه الغائلة والعويصة فيما هو مفروض القوم منحلة، ولنشكر الله تعالى على ذلك.
والقول: بأن المتنجز لا يتنجز (1)، ليس مثل أن المتنجس لا يتنجس، أو النجس لا يتنجس - على إشكال في إطلاقهما - وذلك لأن التنجيز معنى تعليقي، أي يجوز للعبد الاحتجاج بالخبر الموجود، ويجوز للمولى ذلك، وليس صفة التنجيز كصفة الانكشاف والمعلومية داخلة تحت المقولات الحقيقية، بل هي مجرد إدراك عقلي تعليقي قابل للتكثر، كما نجد وجدانا صلاحية كل من الأخبار المتعددة