ولو أمكن أن يكون لفظة " ما " إشارة إلى المشتبه موضوعا، ولكنه غير موافق لفهم العرف قطعا، فيسقط الحديث عن إمكان الاستدلال به، كما لا يخفى، فتدبر، فإنه حقيق بالتدبر والتأمل.
ولو قيل: القدر المتيقن هي الشبهة الموضوعية.
قلنا: لا يمكن الالتزام به، لأنه على تقدير كون المراد أعم، لا بد من الالتزام بتعدد الاستعمال، فلا قدر متيقن حينئذ.
أقول أولا: إمكان كون لفظة موضوعة للمعنى المركب من المعنى الحرفي والاسمي، محل المناقشة، كما حررناه في محله (1)، فكون " ما " أو " الذي " موضوعين للمعنى الاسمي مع إشراب الإشارة فيه - وهي معنى حرفي - غير واضح سبيله.
وثانيا: إن الظاهر عند أهله أن معنى " من " و " ما " الموصولتين، كلي اسمي ينطبق على الخارج، ويكون " ما " بمعنى كلمة " شئ " المنونة بتنوين التنكير، ولا ريب في أنه معنى اسمي مقيد، فتلزم أعمية الحديث.
وثالثا: لا تكون العناوين الكلية مورد الإشارة، بل الخارج موردها، أي التتن الخارجي، فيكون المستفاد منه أن الذي لا يعلمون حكمه مرفوع، فيشمل المشتبه بين الماء والخمر، فتأمل.
ورابعا: عنوان " المشتبه " موضوعا، مما لا يعلم الأمة حكمه، فيكون مورد الرفع، وهكذا شرب التتن، فيكون الحديث أعم.
وخامسا: قد عرفت أن القول بالأعمية، لا يستلزم الاستعمال في الكثير (2)، وسيمر عليك زيادة توضيح حوله في الجهة الآتية إن شاء الله تعالى.