والأخير: ما يميل إليه العلامة النائيني من جواز المخالفة القطعية في الشبهات التحريمية، والتفصيل في الشبهات الوجوبية بلزوم الاحتياط في الجملة (1)، وهذا من غرائب ما صدر عنه وإن كثرت غرائبه.
ومما لا ينبغي خفاؤه توهم: أن الشبهة غير المحصورة لا يتصور لها فرض صحيح، نظرا إلى أن تعاريفها غير مضبوطة (2)، غفلة عن أن البحث حول أن كثرة الأطراف بما هي هي، هل توجب سقوط العلم عن التنجيز، أم لا؟ وليس عنوان " الشبهة غير المحصورة " مورد البحث كي يتفحص عن حدودها. وتعابير القوم تحكي عن عدم التفاتهم إلى ما هي الجهة المبحوث عنها في المقام، إلا من شذ منهم (3)، فليدقق النظر.
إذا علمت ذلك، فالذي هو الحق حسب الصناعة: عدم الفرق بين المحصورة وغير المحصورة، وتجري الأصول المرخصة في جميع الأطراف هنا بالأولوية والأحقية، وذلك لأن قضية إطلاق الخطاب والحكم بحسب الأدلة الواقعية، بعد انضمام العلم بالصغرى، والانطباق على الخارج، مع كونه واجدا لجميع الشرائط العقلية لتنجز الحكم عقابا، وعدم قصور من ناحية القدرة والتمكن، ولا من ناحية من النواحي الاخر: هو تمامية الحجة والبيان بالنسبة إلى واحد من تلك الكثرة، وعندئذ لا يكون العقاب على ذلك الواحد جزافا وبلا جهة.
كما أن الجهالة التي هي عذر في الشبهة البدوية ليست عذرا هنا، لتمامية الحجة فيما بين تلك الكثرة، وتمامية الحجة منوطة بالعلم بالصغرى والكبرى، مع اجتماع سائر الشرائط العامة والخاصة.