فرضنا أنه ممنوع، بخلاف العلم الاجمالي، فإنه عند العقلاء حجة، ولا دليل على ردعه ولو أمكن ردعه.
فعلى هذا، لا تلزم المعارضة العرضية بين خبري زرارة ومحمد بن مسلم في المثال السابق، لعدم دليل على جريان دليل حجية خبر الثقة في أطراف المعلوم بالإجمال. ومن هنا تنحل مشكلة أخرى في باب التعادل: وهو حكم المتعارضين بالعرض، من غير فرق بين كون مفاد خبرهما نفي وجوب كل واحد منهما، كما هو مورد البحث هنا، أو إثبات وجوب كل واحد منهما، كما هو مثال البحث في التعادل والترجيح، فلا يشمل، لعدم الاقتضاء، وقصور الأدلة ذاتا ولبا، فاغتنم.
وأما الاستصحاب، فالحق عندنا أنه غير جار في الشبهات الحكمية الوجودية والعدمية، ويكون عدم جريانه في كل لعلة خاصة، ولا تصل النوبة في الوجودية إلى المعارضة بينه وبين العدمية، كما عن النراقي (1) وبعض أهل العصر (2)، ولا نحتاج إلى بيان بعض مقاربي العصر من المناقضة في مرحلة الجعل والتعبد (3)، مع ضعفه كما أشير إليه في " تهذيب الأصول " (4) وغيره (5)، وسيظهر تحقيقه في الاستصحاب إن شاء الله تعالى (6).
وأما البراءة، فنشير إليها في الصورة الآتية إن شاء الله تعالى، لاشتراك جميع الصور في جريانها وعدم جريانها، وهكذا الأصول الجارية في مقام الامتثال فانتظر حتى حين.