إجراء الاستصحاب الرافع للغائلة (1)، وتنحل به المشكلة، فيتعين القصر في صورة سبق تعينه، والتخيير في صورة سبق التخيير، كما إذا ورد كربلاء المقدسة، وأتى إلى الحرم والبقعة المباركة، ثم خرج منها إلى نفس البلدة، فإنه بعد درك التخيير القطعي يشك في بقائه، ولا يجري الاستصحاب الموضوعي، لكونه ناشئا عن الشبهة المفهومية، والمفروض عدم وجود الإطلاق فرضا حتى تكون المسألة من صغريات التمسك بالعام، دون الاستصحاب.
وبالجملة: فيما هو الجهة المبحوث عنها هنا، هل مقتضى العقل هي البراءة، أو البراءة الشرعية تجري، أم يتعين الاحتياط؟
لا يبعد دعوى تعين الاحتياط، ضرورة أن صلاة الظهر واجبة تعيينا عليه بالضرورة، وإنما القصر والإتمام من عوارضه، ولذلك لا يكونان قصديين، فإن اكتفى بالأربع يشك في سقوط الأمر التعييني، بخلاف صورة الإتيان بركعتين، فالأمر الشرعي الإرشادي يدور بين التعيين والتخيير بحسب الصورة، وهذا صحيح، ولكن بحسب مقام الاشتغال والبراءة، لا بد من ملاحظة ما هو الواجب النفسي المعلوم، وهو عنوان " الظهر " مثلا، وأنه من غير أن يتنوع بنوعي القصر والإتمام، يكون باقيا بعنوانه تحت الأمر التعييني، وإنما يطرؤه القصر والإتمام باختيار المكلف، ومعنى ذلك هو الاحتياط.
نعم، لو كان القصر والإتمام من المنوعات لطبيعة الظهر (2)، حتى يصير الوجوب تخييريا، فتكون المسألة من صغريات القسم الأول، وقد مضى ما فيه بتفصيل لا مزيد عليه.