من أن التكليف فعلي في الفرض الثاني، وإنما العبد معذور، وتفصيله في مباحث الترتب (1).
والقسم الثالث: أن يتردد الأمر في الحجج العرفية العقلائية الإمضائية، ومن ذلك دوران الأمر بين تعين الرجوع إلى الأعلم، أو التخيير بين الرجوع إليه وإلى المفضول، بعد معلومية الحكم بحسب حكم العقلاء مثلا، وهو التخيير، ولكنه يحتمل تصرف الشرع في ذلك، وليس دليل اجتهادي يرفع ذلك الاحتمال فرضا.
والقسم الرابع: أن يتردد الأمر في الحجج التأسيسية الشرعية، كحجية أحد الخبرين بعد التساقط، فإنه لو احتمل تعين أحدهما لأمر من الأمور، بعد كون حكم العقلاء سقوطهما عن الحجية، فإنه يدور الأمر بين التعيين والتخيير.
ومن ذلك فتوى الفقيه، فإن دعوى: أنه حجة عقلائية لكونه أهل خبرة (2)، باطلة، ضرورة أنه لا توجد فتوى من الفقيه في المسائل المتعارفة، إلا وتعارضها الفتاوى الأخرى الكثيرة من الأحياء والأموات، ومعارضة الآراء من الأموات للآراء من الأحياء، قطعية عند العقلاء، لأن شرطية الحياة لو كانت معتبرة فهي شرعية، فلا تقاس نظرية أهل الخبرة - الذين يرجعون إليهم في كل يوم مئات المرات في المسائل المختلفة غير المتعارضة - بمسائل إسلامية التي كانت معنونة من لدن تأليف الكتاب إلى عصرنا هذا، والتفصيل في محله (3).
فعلى هذا، إذا دار الأمر بين فتوى الفقيه الحي تعيينا، وبين فتواه وفتوى الميت تخييرا، فهل الاحتياط يتعين، أم لا؟ وهكذا سائر الشكوك الممكنة في مثل المسألة. فأصول الأقسام أربعة، ويأتي بعض فروعها في طي البحوث الآتية إن شاء