أحدهما: مسألة عقلية، وهي أن مقتضى طائفة من البراهين وجملة من الأخبار، أن الثواب يتبع النيات، حتى أن الخلود في الجنة والنار تابعها (1)، وهذه الأخبار من جملة الأخبار الشاهدة على أن النية والقصد والرجاء والآمال، دخيلة في وصول الثواب إليه، وأن الانسان يثاب على النيات، ولو كان أقل من الثواب البالغ إليه من النية المقرونة بالعمل الصالح.
فهذه الأخبار حكاية وإخبار عن تلك القضية، فلو أتى بفعل برجاء ثواب كذائي، وكان ذلك في نيته وقصده عند الإتيان بذلك العمل، فيصل إليه ذلك وإن لم يقل به الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن المناط ليس على قوله. ولا يلزم منه الجزاف، لأن تلك النية الصالحة تستتبع ذلك الثواب المأمول حسب اطلاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثانيهما: أن في إمضاء الشرع الطرق العقلائية - من الظواهر إلى خبر الواحد، وغير ذلك مما يختلف إصابة وخطأ - موجبا لمناقشة جمع: بأن في موارد التخلف والخطأ، تضييعا لحق العاملين السالكين تلك السبل والمسالك، ولو كان الشرع أوجب الاحتياط في الجملة مثلا، لما وقعت الأمة في تفويت المصالح وغير ذلك.
وعند الالتفات إلى هذه القضية مع ما سلف، نرجع إلى الأخبار الواردة في المسألة، فنجد أن فيها:
أولا: كلمة " بلغه " الظاهرة في أن البلوغ، لا بد وأن يكون على وجه متعارف، وإلا فمجرد سماع الحديث لو كان بلوغا، للزم أن تشمل هذه الأخبار صورة العلم بالكذب، لأن في الخبرين المذكورين، ليس إلا الإتيان بالفعل بعد البلوغ، ويحصل له الرجاء إذا كان يشمل الخبران صورة العلم بالكذب، كما فيما يقول به العامة من التصويب في الموضوع.