وثانيا: المقصود من قوله (عليه السلام) في الخبر الثاني: " وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقله " أي وإن كان النبي لم يقل بالثواب جزاء لذلك الفعل، لا أنه وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل أصل الفعل والصنع والعمل، ولذلك ترى في الخبر الأول " وإن لم يكن على ما بلغه " أي لم يكن ما أتى به على ما بلغه من الثواب، ولكن كان الفعل مما قاله، وأتى به وهو واقع.
ويؤيد ذلك رواية محمد بن مروان قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " من بلغه ثواب من الله على عمل، فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب، أؤتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه " (1) أي متضمنا لذلك الثواب، ولكنه حديث صادر صحيح.
فبالجملة: بعد الخوض في هذه الطائفة من الأخبار يظهر: أن النظر فيها إلى أن وصول الثواب، ليس تابعا لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأما العمل الذي يأتي به وقد بلغه، فلا بد وأن يكون بالغا إليه بنحو متعارف من البلوغ، ويكون المفروض في هذه الأخبار، أن ذلك الفعل قد بلغ مطابقا للواقع، دون ثوابه، فإنه بلغ على خلاف الواقع.
وأما إذا لم يكن الفعل مطابقا للواقع، فهو خارج ظاهرا عن نطاق هذه الأخبار، كما أن من أتى في الشبهات البدوية غير البالغ إليه شئ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكنه أتى برجاء المطلوبية يثاب، ولكنه أيضا خارج عن هذه الأخبار.
فما قيل: " بأنه تثبت بها حجية الخبر، فيجوز الإفتاء على طبقه " (2) أو " يثبت بها الأمر الخاص " (3) فهو بعيد عنها، أجنبي جدا منها.
ولا حاجة إلى إطالة البحث حولها بعد ما عرفت: أنها أجنبية عن المسألة