مضت بتفصيل (1).
وحيث إنها تحتمل الاحتمالات الكثيرة، ولكن خرج منها احتمال كون الأمر فيها نفسيا (2)، وهكذا احتمال كون الأوامر طريقية منجزة للأحكام الواقعية (3)، لما عرفت من جريان البراءة وتقدمها عليها (4)، يبقى من بينها كونها إرشادا إلى حسن عنوان " الاحتياط " أو إرشادا إلى ملاحظة الواقعيات حتى الإمكان، وعدم الوقوع في المهالك، وعدم الابتلاء بالحزازة الروحية (5)، أو إرشادا إلى تبعات الواقعيات المحرمة شرعا وغير الحرام فعلا، من كدورة القلب، وتهيئته للدخول في سائر المبغوضات، وتسهيل الأمر عليه.
والإنصاف: أن ما هو منشأ الأمر بالتوقف والاحتياط أمر غير مولوي، ولا طريقي، وهو ملاحظة أمور كثيرة دنيوية وأخروية، روحية وجسمية، ويظهر كل ذلك من بعض العلل المذكورة في نفس الأخبار، كما لا يخفى.
ويمكن دعوى: أن الأخبار ظاهرة في وجوب الاحتياط، وهي على هذا مورد الإعراض، فلا طريق لنا إلى فهم الرجحان الشرعي.
أو دعوى: أنها معارضة بأخبار البراءة، وقد امرنا بالأخذ بالأقوى والأشهر، فإثبات الرجحان الشرعي الإرشادي - أي أن الشرع أيضا وافق العقل في هذا الإرشاد - مشكل. وكون الاجماع مستنده هذه الأخبار محل منع.
اللهم إلا أن يقال: بالعلم الاجمالي بالتواتر المعنوي، أو الاجمالي، فليتأمل جيدا.