أقول: لا شبهة في أنه لا يعتبر تقدم التنجز بمنجز خاص على إيجاب الاحتياط طريقيا، ضرورة أنه لا يكون مجرد وجود الخبر الواصل كافيا لتنجزه، بل يتنجز ذلك بإيجاب العمل بخبر الواحد، فعلى هذا كما يكون في المثال الحكم الواقعي والمرام للمولى، منجزا عند الإصابة، يكون مقتضى أخبار الاحتياط: أن مرام المولى في مورد الشبهة، منجز يستحق العقوبة عليه، وهذا يشبه أن ينادي المولى: " إن في موارد الشبهة يلزم الاحتياط، لأنه لو صادفت الواقع أعاقب عليه ".
هذا، وغير خفي: أنه لا نحتاج إلى جواب " الدرر " عن الشبهة (1). مع أن في جوابه الخلل، فإن الخطابات الواقعة في كلمات الرسول والأئمة (عليهم السلام) في مواقف الأحكام الشرعية، جزئيات من الكليات الإلهية، كخطابات تقع في أجوبة النواب العامين عن المسائل الشرعية الجزئية، فلا تخلط.
إن قلت: قضية أخبار الاحتياط وجوبه على الإطلاق، ومقتضى استصحاب عدم وجوب المشتبه، وعدم حرمته - بعد اختصاصه بما بعد الفحص - عدم وجود الشبهة والشك تعبدا، فلا تلزم اللغوية في تلك الأخبار، لوجوب الاحتياط قبل الفحص، ولا يلزم وجوب الاحتياط بعد الفحص، لحكومة الاستصحاب عليها.
قلت أولا: إن جريان استصحاب عدم الجعل ممنوع عندنا، وتحقيقه في الاستصحاب، وهو عندنا من الواضحات الغنية عن البيان، ويحتاج إلى لفت النظر إلى نكتة مخفية على أصحابنا، فسيمر عليك إن شاء الله تعالى (2).
وثانيا: لو كان مجرى الاستصحاب عنوان " عدم الاشتباه " فمقتضى استصحاب عدم الشبهة، حكومته على أخبار الاحتياط، لأن مصبها الشك والشبهة، وأما فيما نحن فيه فلا حكومة له عليها، لأن مفاده - على فرض جريانه - عدم تنجز