الدليل هو المضمون الذي يستدل به، فلا تغفل، والأمر سهل كما لا يخفى.
هذا مع أن رواية جابر ولو لم تبعد صحتها عندنا على ما تحرر منا في محله (1)، ولكنها غير معمول بها إجمالا، لأن فيها الأمر برد ما لا يوافقه القرآن، وهذا غير صحيح. اللهم إلا أن يراد من " عدم الموافقة " هي المخالفة بالتباين.
مع أن قوله: " وإن اشتبه الأمر عليكم فيه فقفوا عنده، وردوه إلينا " ظاهر في الخبر الوارد، لا ما نحن فيه.
وبالجملة: قد مضى في أوائل البحث (2)، أن الأصولي تمام همه ارتكاب الشبهات التحريمية، وترك الوجوبية، وأما الإفتاء على الجواز والرخصة، فهو أمر آخر، وهذه الأخبار ناظرة إلى حديث الإفتاء، كما يظهر بالتأمل في سائر أخبار المسألة جدا:
ففي رواية ابن جندب: " والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير، ورد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه، لأن الله يقول في كتابه: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * (3) يعني آل محمد (عليهم السلام) وهم الذين يستنبطون فهم القرآن... " (4).
فعلى هذا، يمكن دعوى جواز ارتكاب الشبهات عملا، وممنوعية الإفتاء في مواردها قولا ورأيا، وبذلك يجمع بين السنة الناهضة على البراءة، والقائمة على لزوم رد علم المشتبه إلى أهله.
ومما يؤيد ذلك: أن العامة كانوا يقولون بالقياس والاستحسان في موارد الجهالة، وهذه الأخبار كأنها ناظرة إلى رد علمها إلى الله، كما في بعض الأخبار من