يأول الآية على مرامه، وهكذا الأخباري، بل لا بد من رعاية الواقع، فحمل الآية على الجهل قبل الفحص، بلا وجه بعد إطلاقها.
نعم، يجوز تقييد الإطلاق بالأدلة في الشبهات الموضوعية، ولذلك لا تعتبر التوبة عند انكشاف الخلاف فيها، لما لا سوء بعد ترخيص الشرع، ولو دل دليل على خروج الشبهات الوجوبية فهو، وإلا فالمتبع إطلاقها.
أقول أولا: لنا تقييد الآية بالشبهات التحريمية بعد الفحص، لقيام أدلة البراءة باخراج كافة الشبهات، إلا ما قبل الفحص ولو كان كثيرا، إلا أنه ليس من التخصيص الكثير، بل أفراد الخاص كثيرة، ولا وهن فيه كما تحرر، ولا سيما بعد بقاء جملة من الشبهات. بل كافة الشبهات قبل الفحص مشمولة الآية أولا، ثم تخرج عنها بالفحص، فتدبر.
وثانيا: يظهر من صدر الآية، أنها مخصوصة بالأوائل المنسلكين في سلك الاسلام والإيمان، ويكون الخطاب خاصا، وأن الآية في موقف ترغيبهم إلى الاسلام، وأن " الاسلام يجب ما قبله " (1) بشرط التوبة، وإصلاح تبعات الأعمال السيئة، حسبما يظهر لي عجالة.
فلو أتلف مال الغير، وقتل بغير حق، فعليه إصلاح أمره، ولا يكفي مجرد الجهالة بالسوء، فتلك الجهالة التي كانت جهالة خاصة - لأجل كون الجاهلين مخصوصين، على ما يظهر منها - ليست من الأعذار المسموعة إلا بعد الاسلام والتوبة والإصلاح، فتختص الآية بالسوء في عصر قبل الاسلام.
أو يحتمل قويا أن يكون قوله تعالى: * (من عمل) * أي كان عمل، وليس بمعنى من يعمل بعد الإيمان، فليلاحظ جيدا.