ومنها: الآية الناهية عن الإلقاء في التهلكة (1)، وهو بحسب الظاهر يشمل الإلقاء القولي، فيلزم أن يكون الإفتاء بوجوب الاحتياط من التهلكة.
والجواب الجواب، مع أن الآية بحسب الصناعة مجملة، لحذف المفعول به، وكونه كلمة " أنفسكم " غير مبرهن، لاحتمال النهي عن إلقاء الإخوة في التهلكة وإلقاء المؤمنين والمجاهدين في التهلكة. هذا على قراءة المعلوم.
نعم، على قراءة المجهول لا يتوجه إليه الاجمال، إلا أن النهي لا يمكن أن يكون نهيا نفسيا، للزوم كون العقاب متعددا في موارد ارتكاب المحرم المعلوم، وفي ترك الواجب المعلوم، فيعلم من هنا: أن أمثال هذه الهيئات كلها إرشادية، لمناسبة الحكم والموضوع.
هذا مع ورود العقل والنقل السابقين عليها. ودعوى ورود الآية عليهما لكونها بيانا، تستلزم الدور، وقد مضى تفصيله (2).
ومنها: الآية الآمرة برد المنازعات إلى الله ورسوله (3)، فعلى الأخباري والأصولي ردها إليهما، فإذا لم يمكن الرد يتعين الاحتياط.
وفيه: أن من موارد النزاع المسألة الأولى، فلا يجوز لهم الإفتاء، لذهاب الأسترابادي إلى وجوب الاحتياط (4)، والجواب الجواب.
وأما ما في كلام العلامة الأراكي (قدس سره): " من اختصاص الآية بعصر الرسول " (5) فهو في غير محله، لأن الرد إلى السنة والكتاب رد إلى الله ورسوله، بقرينة الأمر بالرد إلى الله، فالفاصل بينهم هي السنة، دون هذه الآية كما ترى.