قبال الإرادة فالحق إمكانه لكنه لا يكون كلاما نفسيا مدلولا عليه بالكلام اللفظي فالدعوى مركبة من أمرين: أحدهما مجرد إمكان أمر آخر غير الإرادة، وسائر الصفات المشهورة، ثانيهما: امتناع مدلولية للكلام اللفظي.
أما الأول: فتحقيقه يتوقف على بيان وجه الامتناع على الأجمال وهو أن الأجناس العالية للماهيات الإمكانية كما برهن عليه في محله منحصرة في المقولات العشر أعني مقولة الجوهر والمقولات العرضية التسع والوجود الحقيقي الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم منحصر في العيني والذهني، غاية الأمر أن طرد العدم في كل منهما بحسب حظه ونصيبه قوة وضعفا، ومن الواضح أن ما يقبل كلا الوجودين هي الماهيات حيث أنها في حدود ذواتها لا تأبى عن الوجود والعدم، وأما الوجود الحقيقي فحيثية ذاته حيثية الآباء عن العدم فلا يقبل وجودا آخر لا من سنخه ولا من غير سنخه وهو بمكان من الوضوح فالقائل بالكلام النفسي إن كان يدعى أن سنخه إجمالا سنخ الماهيات (1) فالبرهان قائم على انحصارها في المقولات العشر، فحاله حالها من حيث قبول الوجودين فحينئذ يقال إن قيامه بالنفس إن كان بنفسه كالصفات النفسانية من العلم والإرادة وغيرهما فهو من الكيفيات النفسانية، والبرهان قائم في محله على ضبطها وحصرها، ومدلولية أحدها للكلام اللفظي كقولك [أعلم وأريد] على ثبوت العلم والإرادة لا يجعلهما كلاما نفسيا، وإن كان قيامه بالنفس قيامه بصورته قياما علميا فهو أمر مسلم بين الطرفين فهو من هذه الجهة داخل في مقولة العلم والمفروض غيره.