وأما ما عن أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليه وعلى أولاده المعصومين أفضل صلاة المصلين حيث قال عليه السلام " وكمال الاخلاص نفى الصفات عنه (1) " فقد يوجه بان المراد نفى مفاهيمها وهذا لا اختصاص له بالواجب جل ذكره إذ كل وجود حيثية ذاته حيثية الأباء عن العدم، والماهية من حيث هي لا تأبى عن الوجود والعدم فلا يتطرق ما سنخه هكذا إلى ما سنخه كذلك وإلا لزم الخلف والانقلاب. وقد يوجه بأن المراد نفى حقايقها على وجه المباينة مع الذات كما في غيره تعالى إلا أنه يبعده أن نفى تعدد الواجب وإثبات وحدته أول مراتب التوحيد والاخلاص فلا يناسب جعله من كمال الاخلاص، ولذا ربما يقوى في النظر أن المراد هو الالغاء في مقام المشاهدة لا نفيها حقيقة عن الذات فان أقصى مراتب شهود السالك المشاهد شهود الذات على وجه التجرد والتنزه عن شهود تعينات الصفات وإن كان الصفات مشهودة في مقام شهود الذات، ودون هذه المرتبة شهود الذات في مقام مشاهدة الصفات إلا أن بعد تلك الفقرة الشريفة ما يعين الوجه الثاني حيث قال عليه السلام " لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف (2) " فالمراد بكمال الاخلاص هو الكمال الأول الذي ينتفى ذو الكمال بانتفائه كما يقال: النفس كمال أول ويشهد له قوله عليه السلام في أول الخطبة " أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به ".
(١٧١)