الرد على الأشاعرة إثبات أن الصفات النفسية والأمور القلبية إلا العلم والإرادة والكراهة في مجموع القضايا الخبرية والانشائية المنحصر فيهما الكلام، وأما أن مدلول الكلام ماذا، فهو أمر أخر، ولو قال منهم قائل بأن الإرادة مدلول الكلام فهو باعتبار أن الإرادة الطبيعية المنحفظة في الموطنين من الذهن والعين إذا لوحظت بنحو المعنى الحرفي والمفهوم الأدوى كما سيأتي إنشاء الله تعالى كان معنى إنشائيا يقصد ثبوته باللفظ لا بمعنى آخر فتدبر.
قوله: أما الجمل الخبرية فهي دالة على ثبوت النسبة بين طرفيها الخ: لا يخفى عليك أن المنقول عن الأشاعرة في كلمات بعضهم أن الكلام النفسي المدلول عليه بالكلام اللفظي الخبري عبارة عن النسبة الموجودة بين مفردين، ولذا ذهب بعض الأعلام من مقاربي عصرنا (1) إلى أن الإلتزام بالنسبة الحكمية إلتزام بالكلام النفسي، وهو قده وإن أصاب في فهم المراد من كلمات الأشاعرة، وأنهم يجعلون النسبة كلاما نفسيا لكنه لم يصب في الالتزام بكونه كلاما نفسيا غير معقول، بل كان يجب عليه كشف مغالطتهم، وحل عقدتهم بما نتلوه عليك، وهو أن المعنى كما أشرنا إليه سابقا تارة: يقوم بالنفس بنفسه على حد قيام الكيفيات النفسانية بالنفس من العلم والإرادة وغيرهما، وأخرى: يقوم بالنفس بصورته المجردة قياما علميا والنسبة المتصورة بين المحمول والموضوع وهي كون [هذا ذاك] في الخارج تقوم بالنفس لا بنفسها بل بصورتها فهي كالمعلومات الأخر من حيث أن قيامها قيام علمي لا كقيام العلم، والذي يجب على الأشعري إثباته قيام شئ بالنفس بنفسه على حد قيام العلم والإرادة لا على حد قيام المعلوم والمراد، فان هذا القيام لا يوجب ثبوت صفة أخرى بالنفس حتى ينفع في إثبات الكلام القائم بذاته تعالى وراء علمه وإرادته وسائر صفاته العليا.
نعم هنا أمر آخر له قيام بالنفس بنفسه وهو نحو من الوجود النوري القائم