نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ١ - الصفحة ١٨٤
من الكيفيات النفسانية حيث أنها ماهيات موجودة، وهذا حقيقة الوجود أشار بعض أكابر فن المعقول (1) في غالب كتبه وصرح به في رسالته المعمولة في التصور والتصديق.
وإما استحالة مدلوليته للكلام اللفظي، فلأن المدلولية للكلام ليس إلا كون اللفظ واسطة للانتقال من سماعة إليه وهذا شأن الماهية والوجود الحقيقي عينيا كان أو نوريا إدراكيا غير قابل للحصول في المدارك الادراكية لما عرفت سابقا فلا يعقل الوضع له ولا الانتقال باللفظ إليه إلا بالوجه والعنوان، ومفروض الأشعري مدلوليته بنفسه للكلام اللفظي لا بوجهه وعنوانه.
هذا كله إذا كان الكلام على وجه يناسب علم الكلام وإن كان النزاع في مدلول الصيغة كما هو المناسب لعلم الأصول.
فالتحقيق أن مدلول صيغة إفعل وأشباهها ليس الطلب الانشائي ولا الإرادة الانشائية بل البعث المأخوذ على نحو المعنى الحر في والمفهوم الأدوى كما أشرنا إليه في أوائل التعليقة وسيجيئ انشاء الله تعالى عما قريب. والبعث الموجود بوجوده الانشائي ليس من الطلب والإرادة في شئ ولا يوجب القول به إثبات صفة نفسانية أو فعل نفسانية يكون مدلولا للكلام اللفظي إلا بتوهم أن الانشاء إيجاد أمر في النفس وسيجيئ تحقيق نحو وجود الأمر الانشائي إنشاء الله تعالى، وأما أن مدلول الصيغ هو البعث تقريبا دون الإرادة والانشائية فيشهد له الوجدان (2) فان المريد لفعل الغير كما أنه قد يحركه ويحمله عليه تحريكا حقيقيا

1 - صد المتألهين، له رسالة في التصور والتصديق الذي طبع في حاشية جوهر النضيد للعلامة الحلي - ره - إن شئت فراجع.
2 - فان الإنسان بعد اشتياقه بفعل الغير الذي هو تحت اختياره تقوم بصدد تحصيله منه أما بالبعث إليه أو بإيجاد الداعي له ونحوهما فيناسبه وضع الهيئة لمثل هذه الأمور حتى تكون الهيئة بعثا تنزيليا أو جعلا للداعي تنزيلا وأما إنشاء الإرادة مع تحقق نفس الإرادة فهو أجنبي عن ذلك لان وجودها الواقعي حاصل ومع ذلك يحتاج إلى توسط أمر آخر فكيف يتوسط بينها وبين المراد إنشاء مفهوم الإرادة فتدبر فإنه حقيق به (منه) (خ).
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست