من الكيفيات النفسانية حيث أنها ماهيات موجودة، وهذا حقيقة الوجود أشار بعض أكابر فن المعقول (1) في غالب كتبه وصرح به في رسالته المعمولة في التصور والتصديق.
وإما استحالة مدلوليته للكلام اللفظي، فلأن المدلولية للكلام ليس إلا كون اللفظ واسطة للانتقال من سماعة إليه وهذا شأن الماهية والوجود الحقيقي عينيا كان أو نوريا إدراكيا غير قابل للحصول في المدارك الادراكية لما عرفت سابقا فلا يعقل الوضع له ولا الانتقال باللفظ إليه إلا بالوجه والعنوان، ومفروض الأشعري مدلوليته بنفسه للكلام اللفظي لا بوجهه وعنوانه.
هذا كله إذا كان الكلام على وجه يناسب علم الكلام وإن كان النزاع في مدلول الصيغة كما هو المناسب لعلم الأصول.
فالتحقيق أن مدلول صيغة إفعل وأشباهها ليس الطلب الانشائي ولا الإرادة الانشائية بل البعث المأخوذ على نحو المعنى الحر في والمفهوم الأدوى كما أشرنا إليه في أوائل التعليقة وسيجيئ انشاء الله تعالى عما قريب. والبعث الموجود بوجوده الانشائي ليس من الطلب والإرادة في شئ ولا يوجب القول به إثبات صفة نفسانية أو فعل نفسانية يكون مدلولا للكلام اللفظي إلا بتوهم أن الانشاء إيجاد أمر في النفس وسيجيئ تحقيق نحو وجود الأمر الانشائي إنشاء الله تعالى، وأما أن مدلول الصيغ هو البعث تقريبا دون الإرادة والانشائية فيشهد له الوجدان (2) فان المريد لفعل الغير كما أنه قد يحركه ويحمله عليه تحريكا حقيقيا