بقي الكلام في أنه مع تقديم قولها فما الواجب من المهر في هذا الصورة؟
قال الشيخ في المبسوط: لو أقامت بينة لعقدين في وقتين فادعى الزوج التكرار وادعت صحة العقدين وتعدد النكاح قدم قولها باليمين، والأولى أن يقول: أن يلزمه المهر أن معا، وقال بعضهم يلزمه مهر ونصف لأنه يقول: طلقتها بعد الأول قبل الدخول فعلي نصف المهر، ثم تزوجت بها ثانيا، وهذا أقوى.
قال في المختلف وهو يدل على تردده في ذلك، قال: وكان الذي رحمة الله عليه يقوي الثاني، وشيخنا أبو القاسم جعفر بن سعيد رحمه الله يقوي الأول وهو الأقوى عندي لاعتراف الزوج بثبوت الأول في ذمته، وقيام البينة عليه بالثاني، وتعليل الشيخ ليس بجيد، لأن دعواه الطلاق المتخلل بين العقد ين ينافي دعوى التكرار، ولو ادعى بجيد، لأن دعواه الطلاق كان القول قوله مع اليمين. إنتهى.
أقول: وهنا قول ثالث: ولم يتعرض إليه في المختلف وهو وجوب مهرا واحد وقد نقله في المسالك ثالثا للقولين المذكورين، وعلل القول بوجوب المهر ين بأن كل عقد له سبب تام في وجوب المهر والأصل استمراره، ولأنه لا ينتصف إلا بالطلاق، وسماع دعواه الطلاق الموجب للتنصيف ينافي دعواه التكرار كما عرفت من كلامه في المختلف، وعلل القول الثاني بأن الفرقة متحققة ليصح فرض العقد الثاني، الوطؤ غير معلوم مع أن الأصل عدمه، فيجب النصف بالعقد الأول والمهر كملا بالعقد الثاني.
وعلل القول الثالث بأن من أسباب الفرقة ما لا يوجب مهرا ولا نصفها كردتها وإسلامها، فسخه بعيبها قبل الدخول، وفسخها بعيب غير العنة قبله، أيضا فإنه يجوز أن تكون الفرقة الموجبة لتعدد العقد من أحد هذه المذكورات، فلا توجب شيئا بالكلية، ويبقى المهر بالعقد الثاني، على أنه يمكن أيضا كونه مهرا واحدا بالطلاق في الأول قبل الدخول، وفي الثاني كذلك، فإن كل واحد من الطلاقين موجب للنصف، ومن المجموع يحصل مهر واحد.
وظاهر في المسالك اختيار القول الأول على تردد قال: والأقوى وجوب