التمليك أو نحوهما، لا بالعفو، لأنه لا مجال فيه للأعيان كلفظ الابراء فلا يتناول إلا الدين.
وأجابوا عن الآية بأن المراد من العفو معناه لا لفظه، بمعنى إرادة حصول الملك للعفو عنه، بعبارة تقيد ذلك، ولو كان المراد لفظه لتعين في الموضعين، وهو منفي بالاجماع، وسمي نقله منها عفوا تنبيها على حصول فضيلة العفو والمدح، فإن توقف النقل له على صيغه شرعية كما لو قال: ملكه هذا فإنه يريد نقل ملكه إليه بلفظ شرعي يفيده بأي لفظ أدي معناه وإن لم يكن بلفظ التمليك.
أقول: الظاهر عندي قوة هذا القول، وإن كان خلاف ما عليه الأكثر، فإن الأول مبني على صحة كون العفو بمعنى الاعطاء وما ادعاه شيخنا المقدم ذكره من وروده بمعنى العطاء لغة لم أقف عليه في كلام أحد من أهل اللغة، والمذكور في كلامهم إنما هو الاسقاط.
قال في كتاب المصباح المنير (1) (وعفوت عن الحق: أسقطته) وغاية ما استند إليه رحمة الله عليه وهو الذي أشار إليه بقوله (كما سننبه عليه) هو ما ذكره أخيرا حيث قال: والعفو كما يطلق على الاسقاط، يطلق على الاعطاء كما أشرنا إليه سابقا، ومن الأول قوله تعالى (والعافين عن الناس) (2) أي التار كين ما لهم عندهم من مظلمة. ومن الأول قوله تعالى (يسألونك ما ذا ينفقون قل العفو) (3) أي الفضل من الأموال الذي يسهل إعطاؤه. وقوله تعالى " خذ العفو " (4) أي خذ ما أعطاك الناس من ميسور أخلاقهم ولا تنقص عليهم، وغير ذلك فيصلح للأمرين.
أقول: لا يخفى أن غاية ما تدل عليه الآيتان هو كون العفو هنا بمعنى الميسور.