الأخبار كما لا يخفي على من جاس خلال الديار.
وظاهر هذه الأخبار أن الأولاد لا يتصفون بالحرية إلا بعد دفع القيمة إلى المولى من الأب أو الإمام، وإلا فهم على الرق، لا أنهم قد ولدوا على الحرية كما ادعاه ابن إدريس فيما تقدم من كلامه، وهو ظاهر من كلام العلامة في المختلف أيضا.
قال في المسالك بعد ذكر القولين أعني الحرية والرقية: وتظهر فائدة القولين مع اتفاقهما على وجوب دفع القيمة وحريته بدفعها فيما لو لم يدفعها لفقر أو غيره، فعلى القول بحريته تبقى دينا في ذمته، ولولد حر، وعلى القول الآخر يتوقف على دفعها، وهو ظاهر فيما قلناه، وواضح فيما ادعيناه. ثم قال أيضا على أثر هذا الكلام:
وأما الحكم باستسعاء الأب في الثمن فمبني على رواية سماعة، وسندها ضعيف، وهو من جملة الديون ولا يجب الاستسعاء بها بل ينظر إلى اليسار لعموم قوله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) وهذا أقوى، ويمكن حمل الأمر بالاستسعاء على الاستحباب، إنتهى.
وفيه أنه قد صرح بأن القيمة يكون دينا في ذمته، وإنما هو على تقدير القول بالحرية، وأما على تقدير الرقية فلا دين بالكلية، وإنما غاية الأمر أن الحربة تتوقف على الشراء ودع القيمة، بمعنى أنه يجب عليه الشراء، وقبل وقوع الشراء. فالذمة غير مشغولة بالثمن، فلا وجه لتعلقها بالذمة على هذا القول وحينئذ فحق الكلام أن يقال: وأما حلكم باستسعاء الأب في الثمن فهو مبني على القول بالرقية، ورواية سماعة إنما صرحت بالاستسعاء لما تضمنته من القول بالرقية، وقد عرفت دلالة جملة من الأخبار على ذلك أيضا، فلا معنى لقصر الحكم على رواية سماعة والطعن فيها بالضعف، ولا معنى لجعله ذلك من الديون بناء على هذا القول، بل كونه من الديون إنما هو على القول بالحرية كما