أصول المذهب أن الإمام لا يعطي مولى الجارية قيمتهم من سهم الرقاب، ولا يجوز أن يشتروا من سهم الرقاب من الزكاة، لأن ذلك مخصوص بالعبيد والمكاتبين، وهؤلاء غير عبيد ولا مكاتبين بل أحرار في الأصل، وانعتقوا كذلك، ما مسهم رق أبدا، لأنه قال عليه السلام (ولا يستقر ولد حر) وصفه بأنه حر، فكيف يشترى الحر من سهم الرقاب، وإنما أثمانهم في ذمة أبيهم، لأن من حقهم أن يكونوا رقا لمولى أمهم، فلما حال الأب بينه وبينهم بالحرية وجب عليه قيمتهم يوم وضعهم أحياء أحرارا، وهو وقت الحيلولة، إنتهى.
والعجب منه أنه قد وافق الشيخ في هذه الصورة أعني صورة التزويج بناء على ظاهر الحال، فقال: برقية الولد فيها كما قدمنا نقله عنه في عبارته السابقة وأوجب السعي على أبيه في قيمته، فكيف يوافقه على رقية الولد ويمنع من إعطائه من سهم الرقاب، مدعيا حريتهم وأنهم ما مسهم رق أبدا مستندا إلى جعل (حر) في الرواية (صفة ولد) ومع عدم تعينه لذلك لاحتمال الإضافة بل هو أظهر مناقض لما صرح به من الرقية في المسألة.
وكيف كان فكلام الشيخ مبني على الرقية، وكلامه مبني على الحرية، فهذا الانكار منه مصادرة لأن الشيخ لا يقول بالحرية حتى أنه يرد عليها ما ذكره.
نعم قد ناقش بعض المتأخرين في جعل الشيخ ذلك من الزكاة من سهم الرقاب، مع أن الرواية ليس فيها (إلا أنه على الإمام أن يفديه) وهو أعم من كونه من سهم الرقاب أو غيره، ويجوز أن يكون من بيت المال لأنه معد للمصالح.
وفيه أنه متى قيل بالرقية كما هو اختيار الشيخ فجعله من سهم الرقاب أوجه كما صرح به ونازع بعض المتأخرين أيضا في وجوب استسعاء الأب مع عجزه، وأوجب النظر إلى يساره، لضعف الرواية، لأنه من جملة الديون (وقد قال: الله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) (1) وحمل الرواية على الاستحباب