طريقه فقالت: يا داود خذنا، فأخذها في مخلاته، وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا، فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه، ففصل طالوت بالجنود، وقال لهم نبيهم:
يا بني إسرائيل إن الله مبتليكم بنهر في هذه المفازة، فمن شرب منه فليس من حزب الله، ومن لم يشرب منه فإنه من حزب الله إلا من اغترف غرفة بيده، فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة بيده * (فشربوا منه إلا قليلا منهم) * فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا، وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.
وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه: * (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) * وقال الذين لم يشربوا: * (ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) * فجاء داود (عليه السلام) حتى وقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل، وعلى رأسه التاج وفي [جبهته] (1) ياقوت يلمع نوره، وجنوده بين يديه، فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء ووقع عليهم فانهزموا، وأخذ حجرا آخر فرمى به في ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا، ورمى جالوت بحجر ثالث فصك (2) الياقوتة في جبهته ووصل إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتا، وهو قوله: * (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت...) * (3).
- ابن الأثير في الكامل: لما انقطع إلياس عن بني إسرائيل بعث الله اليسع، فكان فيهم ما شاء الله ثم قبضه الله... إلى أن بعث الله إشمويل، وملكهم طالوت ورد عليهم التابوت، وكانت مدة ما بين وفاة يوشع إلى أن رجعت النبوة إلى إشمويل أربعمائة سنة وستين سنة.
وكان من خبر إشمويل أن بني إسرائيل لما طال عليهم البلاء وطمع فيهم الأعداء... فدعوا الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه، وكان سبط النبوة هلكوا فلم يبق منهم غير امرأة حبلى... فولدت غلاما سمته إشمويل، ومعناه سمع الله دعائي (4).