هناك كان هو العامل، ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر شيئا البتة مما في يده، لأن الرب كان معه، ومهما صنع كان الرب ينجحه.
ثم ساقت التوراة (1) قصة صاحبي السجن ورؤياهما ورؤيا فرعون مصر، وملخصه: أنهما كانا رئيس سقاة فرعون ورئيس الخبازين أذنباه فحبسهما فرعون في سجن رئيس الشرط عند يوسف، فرأى رئيس السقاة في منامه أنه يعصر خمرا، والآخر أن الطير تأكل من طعام حمله على رأسه، فاستفتيا يوسف فعبر رؤيا الأول برجوعه إلى سقي فرعون شغله السابق، والثاني بصلبه وأكل الطير من لحمه، وسأل الساقي أن يذكره عند فرعون لعله يخرج من السجن، لكن الشيطان أنساه ذلك.
ثم بعد سنتين رأى فرعون في منامه سبع بقرات سمان حسنة المنظر خرجت من نهر، وسبع بقرات مهزولة قبيحة المنظر وقفت على الشاطئ فأكلت المهازيل السمان، فاستيقظ فرعون، ثم نام فرأى سبع سنابل خضر حسنة سمينة، وسبع سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها، فأكلت الرقيقة السمينة، فهال فرعون ذلك وجمع سحرة مصر وحكماءها وقص عليهم رؤياه فعجزوا عن تعبيره.
وعند ذلك ادكر رئيس السقاة يوسف فذكره لفرعون وذكر ما شاهده من عجيب تعبيره للمنام فأمر فرعون بإحضاره، فلما ادخل عليه كلمه واستفتاه فيما رآه في منامه مرة بعد أخرى فقال يوسف لفرعون: حلم فرعون واحد قد أخبر الله فرعون بما هو صانع: البقرات السبع الحسنة في سبع سنين وسنابل سبع الحسنة في سبع سنين هو حلم واحد، والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية يكون سبع سنين جوعا.
هو الأمر الذي كلمت به فرعون قد أظهر الله لفرعون ما هو صانع، هو ذا سبع سنين قادمة شبعا عظيما في كل أرض مصر، ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا، فينسى كل السبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض، ولا يعرف السبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده لأنه يكون شديدا جدا، وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين فلأن الأمر مقرر من عند الله والله مسرع لصنعه.
فالآن لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما ويجعله على أرض مصر يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض الأرض بالجوع.
قالت التوراة ما ملخصة إن فرعون استحسن كلام يوسف وتعبيره وأكرمه وأعطاه إمارة المملكة في جميع شؤونها، وخلع عليه بخاتمه،