الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب. وقال أبو حنيفة: لا يكره والحديث يرد عليه. وقال مالك في رواية: لا يكره، وفي رواية يكره، وفي رواية: يحرم في التطوع دون الواجب. واحتج من قال بالتحريم بحديث الباب لأن النهي ظاهر في ذلك، واحتج الشافعي بحديث عائشة المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث بهديه ولا يحرم عليه شئ أحله الله له حتى ينحر هديه فجعل هذا الحديث مقتضيا لحمل حديث الباب على كراهة التنزيه، ولا يخفى أن حديث الباب أخص منه مطلقا، فيبنى العام على الخاص، ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم، ولكن على من أراد التضحية. قال أصحاب الشافعي: والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك من شعور بدنه. قال إبراهيم المروزي وغيره من أصحاب الشافعي: حكم أجزاء البدن كلها حكم الشعر والظفر، ودليله ما ثبت في رواية لمسلم: فلا يمسن من شعره وبشره شيئا والحكمة في النهي أن يبقى كامل الاجزاء للعتق من النار، وقيل: للتشبه بالمحرم، حكى هذين الوجهين النووي، وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم.
باب السن الذي يجزئ في الأضحية وما لا يجزئ عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي. وعن البراء بن عازب قال: ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شاتك شاة لحم، فقال: يا رسول الله إن عندي داجنا جذعة من المعز، قال: اذبحها ولا تصلح لغيرك، ثم قال: من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين متفق عليه.
قوله: إلا مسنة قال العلماء: المسنة هي الثنية من كل شئ من الإبل والبقر