قوله: أني اصطدته لك وأنه لم يأكل منه لا أعلم أحدا قاله في هذا الحديث غير معمر.
الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والبيهقي وابن خزيمة، وقد قال بمثل مقالة النيسابوري التي ذكرها المصنف ابن خزيمة والدار قطني والجوزقي. قال ابن خزيمة:
إن كانت هذه الزيادة محفوظة احتمل أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم أكل من لحم ذلك الحمار من قبل أن يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله فلما علم امتنع وفيه نظر، لأنه لو كان حراما عليه صلى الله عليه وآله وسلم ما أقره الله تعالى على الاكل حتى يعلمه أبو قتادة بأنه صاد لأجله، ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز، وأن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله، وأما إذا أتى بلحم لا يدري ألحم صيد أم لا؟ وهل صيد لأجله أم لا؟ فحله على أصل الإباحة فلا يكون حراما عليه عند الاكل، ولكنه يبعد هذما تقدم من أنه لم يبق إلا العضد. وقال البيهقي: هذه الزيادة غريبة يعني قوله إني اصطدته لك، قال: والذي في الصحيحين أنه أكل منه.
وقال النووي في شرح المهذب: يحتمل أنه جرى لأبي قتادة في تلك السفرة قصتان، قال ابن حزم: لا يشك أحد بأن أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه ولأصحابه وهم محرمون فلم يمنعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكله، وكأنه يقول: بأنه يحل صيد الحلال للمحرم مطلقا وهو أحد الأقوال السابقة. وقال ابن عبد البر: كان اصطياد أبي قتادة الحمر لنفسه لا لأصحابه، وكان ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجه أبا قتادة على طريق البحر مخافة العدو، فلذلك لم يكن محرما عند اجتماعه بأصحابه لأن مخرجهم لم يكن واحدا. قال الأثرم: كنت أسمع أصحاب الحديث يتعجبون من هذا الحديث ويقولون: كيف جاز لأبي قتادة مجاوزة الميقات بلا إحرام ولا يدرون ما وجهه؟ حتى رأيته مفسرا في حديث عياض عن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحرمنا فلما كان مكان كذا وكذا إذا نحن بأبي قتادة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثه في شئ قد سماه، فذكر حديث الحمار الوحشي انتهى. والحديث من جملة أدلة الجمهور القائلين بأنه يحرم صيد الحلال على المحرم إذا صاده لأجله، ويحل له إذا لم يصده لأجله، ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه صاده لأجله لم يأكل منه وأمر أصحابه بالاكل.