الوراق عن ربيعة، قال: وروى مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة وهو حلال رواه مالك مرسلا.
وقول سعيد بن المسيب أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وفي إسناده رجل مجهول. قوله: لا ينكح المحرم ولا ينكح الأول بفتح الياء وكسر الكاف أي لا يتزوج لنفسه، والثاني بضم الياء وكسر الكاف أي لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة في مدة الاحرام. قال العسكري: ومن فتح الكاف من الثاني فقد صحف.
قوله: ولا يخطب أي لا يخطب المرأة وهو طلب زواجها. وقيل: لا يكون خطيبا في النكاح بين يدي العقد، والظاهر الأول. قوله: تزوج ميمونة وهو محرم أجيب عن هذا بأنه مخالف لرواية أكثر الصحابة، ولم يروه كذلك إلا ابن عباس كما قال عياض، ولكنه متعقب بأنه قد صح من رواية عائشة وأبي هريرة نحوه كما صرح بذلك في الفتح، وأجيب ثانيا بأنه تزوجها في أرض الحرم وهو حلال، فأطلق ابن عباس على من في الحرم أنه محرم وهو بعيد، وأجيب ثالثا بالمعارضة برواية ميمونة نفسها وهي صاحبة القصة، وكذلك برواية أبي رافع وهو السفير، وهما أخبر بذلك كما قال المصنف وغيره، ولكنه يعارض هذا المرجح أن ابن عباس روايته مثبتة وهي أولى من النافية، ويجاب بأن رواية ميمونة وأبي رافع أيضا مثبتة لوقوع عقد النكاح والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حلال، وأجيب رابعا بأن غاية حديث ابن عباس أنه حكاية فعل، وهي لا تعارض صريح القول أعني النهي عن أن ينكح المحرم أو ينكح، ولكن هذا إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن ههنا على فرض أن رواية ابن عباس أرجح من رواية غيره، وذلك بأن يجعل فعله صلى الله عليه وآله وسلم مخصصا له من عموم ذلك القول، كما تقرر في الأصول إذا فرض تأخر الفعل عن القول، فإن فرض تقدمه ففيه الخلاف المشهور في الأصول في جواز تخصيص العام المتأخر بالخاص المتقدم كما هو المذهب الحق، أو جعل العام المتأخر ناسخا كما ذهب إليه البعض. إذا تقرر هذا فالحق أنه يحرم أن يتزوج المحرم أو يزوج غيره كما ذهب إليه الجمهور وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج، كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطئ، وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار. وظاهر النهي عدم الفرق بين من يزوج غيره بالولاية الخاصة أو العامة كالسلطان والقاضي. وقال بعض الشافعية والامام يحيى: إنه يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة، وهو تخصيص لعموم النص بلا