إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين. وقال الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث اه. ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن رافع بن خديج: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع كالئ بكالئ دين بدين ولكن في إسناده موسى المذكور فلا يصح شاهدا، والحديث الثاني صححه الحاكم وأخرجه ابن حبان والبيهقي، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب، وذكر أنه روي عن ابن عمر موقوفا، وأخرجه النسائي موقوفا عليه أيضا. قال البيهقي: والحديث تفرد برفعه سماك بن حرب، وقال شعبة رفعه لنا سماك وأنا أفرقه. قوله: الكالئ بالكالئ هو مهموز، قال الحاكم عن أبي الوليد حسان: هو بيع النسيئة بالنسيئة، كذا نقله أبو عبيد في الغريب، وكذا نقله الدارقطني عن أهل اللغة وروى البيهقي عن نافع قال: هو بيع الدين بالدين. وفيه دليل على عدم جواز بيع الدين بالدين. وهو إجماع كما حكاه أحمد في كلامه السابق وكذا لا يجوز بيع كل معدوم بمعدوم. قوله: بالبقيع قال الحافظ: بالباء الموحدة كما وقعت عند البيهقي في بقيع الغرقد. قال النووي: ولم يكن إذ ذاك قد كثرت فيه القبور.
وقال ابن باطيش: لم أر من ضبطه والظاهر أنه بالنون، حكي ذلك عنه في التلخيص وابن رسلان في شرح السنن. قوله: لا بأس الخ فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذي في الذمة بغيره، وظاهره أنهما غير حاضرين جميعا بل الحاضر أحدهما وهو غير اللازم، فيدل على أن ما في الذمة كالحاضر. قوله: ما لم تفترقا وبينكما شئ فيه دليل على أن جواز الاستبدال مقيد بالتقابض في المجلس، لأن الذهب والفضة مالان ربويان فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر إلا بشرط وقوع التقابض في المجلس، وهو محكي عن عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما، والحسن والحكم وطاوس والزهري ومالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد وغيرهم وروي عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب وهو أحد قولي الشافعي أنه مكروه أي الاستبدال المذكور والحديث يرد عليهم واختلف الأولون فمنهم من قال: يشترط أن يكون بسعر يومها كما وقع في الحديث وهو مذهب أحمد، وقال أبو حنيفة والشافعي: إنه يجوز بسعر يومها وأغلى وأرخص، وهو خلاف ما في الحديث من قوله: بسعر يومها وهو أخص من حديث: إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف إذا كان يدا بيد فيبنى العام على الخاص.