يلحظ الزمان فيه مفردا، بل كل فرد من العقود له حكم واحد مستمر، فإذا فرض خروج أحد الأفراد عن هذا العموم في ظرف خاص لم يكن مجال للتمسك بالعموم فيما بعد ذلك الزمان، بل المرجع هو الاستصحاب لو تمت شروطه.
وبذلك يظهر أن الاشكال فيما ذكره جامع المقاصد من جهتين:
الأولى: أن ما أفاده لا يكون تقديرا لكلام من يتمسك بالعموم لبطلان التمسك به، كما عرفت.
الثانية: أنه لا يقتصر فيه على القدر المتيقن للرجوع إلى الاستصحاب، كما عرفت أيضا.
وقد نبه الشيخ (قدس سره) (1) على أن المدار ليس على كون العموم لغويا أو اطلاقيا، بل المدار على لحاظ الزمان ظرفا أو قيدا للأفراد سواء كان العموم لغويا أو اطلاقيا، فلا وجه لما أورد على جامع المقاصد من أن آية * (أوفوا بالعقود) * مطلقة لا عامة إلا أن يدعى أن ظاهر الاطلاق هو أخذ الزمان بالنحو الثاني.
كما نبه (قدس سره) على عدم صحة دعوى تعارض الاستصحاب مع العموم، وتخصيص العموم به لاختلاف موردهما وعدم اجتماعهما في مورد واحد، كما عرفت.
كما نبه (قدس سره) على أن المرجع على تقدير سقوط الاستصحاب فيما نحن فيه هو الرجوع إلى أصالة اللزوم العملية لا اللفظية الثابتة بالعمومات.
وكيف كان، فقد عرفت أن الرجوع إلى العموم أو الاستصحاب يدور مدار أخذ الزمان في العموم بالنحو الأول أو الثاني.
ولكن صاحب الكفاية (رحمه الله) (2) سلك مسلكا آخر في تحقيق المقام، فذهب: إلى أنه لا بد من ملاحظة دليل الخاص نفسه وكيفية أخذ الزمان فيه، فإن أخذ الزمان قيدا لحكم الخاص الآخر لم يصح إجراء الاستصحاب وإن أخذ الزمان في العام ظرفا.
وإن أخذ الزمان في الحكم الخاص ظرفا صح إجراء الاستصحاب فيه في نفسه وإن أخذ الزمان في العام مفردا.