وأما الاستصحاب، فقد منع الشيخ (قدس سره) جريانه ههنا لأجل الشك في بقاء الموضوع المعتبر في الاستصحاب.
وظاهر عبارته ههنا أن تخصيص الاستصحاب بما إذا لم يكن الشك في المقتضي لأجل الشك في بقاء الموضوع. وأن مرجع الشك في المقتضي والشك في الموضوع إلى شئ واحد لا أنهما شيئان ينفصل أحدهما عن الآخر، كما قد توهمه عبارات الرسائل (1) وسنحقق ذلك في الأصول (2) ونتأمل في كلماته انشاء الله تعالى لعلنا نصل إلى مراد الشيخ (قدس سره) هناك بواسطة بعض القرائن ونوفق بينه وبين ما ذكره ههنا.
وكيف كان، فتوضيح ما ذكره الشيخ (قدس سره) هنا: هو أنه قد تقرر في محله أنه يعتبر في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع ومع ارتفاعه أو الشك فيه لا مجال لجريانه.
والمراد من الموضوع ليس ما هو المصطلح في الأصول وهو كل ما يكون دخيلا في ثبوت الحكم ويترتب عليه الحكم، فيشمل مثل الزوال بالنسبة إلى وجوب صلاة الظهر، إذ إرادة ذلك تستلزم سد باب الاستصحاب لأن الشك في البقاء لا بد أن ينشأ من زوال بعض العوارض والصفات التي يحتمل كونها دخيلة في الحكم بقاء، فلا يكون الموضوع بهذا المعنى محرزا.
وبعبارة أخرى: مع إحراز الموضوع بهذا المعنى لا شك في البقاء.
وإنما المراد منه ما كانت نسبة الحكم إليه نسبة العارض إلى المعروض، فالمراد به معروض المستصحب كالعالم بالنسبة إلى وجوب التقليد ونحوه.
وطريق معرفته هو دليل الحكم الشرعي وما هو المفهوم منه عرفا ولو بمناسبة الحكم والموضوع بنحو يوجب صرف ظهور الكلام الأولي، فالعرف يفهم من قوله:
" يجوز تقليد العالم " دخالة العلم في موضوع التقليد بهذا المعنى من الموضوع، لكنه لا يفهم ذلك من قوله: " يجب إكرام العالم " فيرى أن معروضه هو ذات العالم، فكل ما يفهم العرف من لسان الدليل ولو بحسب مرتكزاته أنه معروض الحكم يعتبر بقاؤه.