أما وجوب الاقتصار على القدر المتيقن. فقد ذكر أنه لا وجه له مع ثبوت الاستصحاب.
وأما ما ذكره جامع المقاصد، فقد تنظر فيه بما قرره في الأصول (1) - في مبحث الاستصحاب - وأشار إليه ههنا، من أن العموم على قسمين:
الأول: أن يلحظ الزمان فيه مكثرا لأفراد العام بأن يلحظ كل فرد في كل زمان غيره في الزمان الآخر، كما إذا قال أكرم كل عالم في كل يوم، فزيد العالم يوم الجمعة فرد ويوم السبت فرد آخر وهكذا، وفي مثل ذلك لو ورد خاص يدل على خروج أحد الأفراد في يوم الجمعة - مثلا - وشك في خروجه يوم السبت، كان المرجع هو العموم في إثبات وجوب إكرامه يوم السبت لأنه شك في تخصيص زائد والأصل عدمه.
الثاني: أن يلحظ الزمان فيه ظرفا لأفراد العام، ولا يلحظ مفردا، بل يكون لكل فرد من أفراد العام حكم واحد مستمر باستمرار الزمان، كما إذا قال أكرم كل عالم إلى الأبد، وفي مثله لو ورد خاص يدل على خروج أحد الأفراد وشك في خروجه دائما أو في زمان معين خاص كيوم الجمعة مثلا. فلا يصح الرجوع إلى العموم فيما بعد يوم الجمعة لعدم كون الشك في تخصيص زائد، إذ خروجه دائما لا يستلزم تخصيصا زائدا بعد أن لم يكن الزمان ملحوظا مفردا، بل المرجع في مثل ذلك هو استصحاب حكم الخاص، حتى أنه لو لم يجر الاستصحاب لمانع، لا يصح الرجوع إلى العموم، لعدم المقتضي له بعد خروج الفرد إذ المفروض تبعية العموم الزماني للعموم الأفرادي.
كما أنه في القسم الأول إذا لم يمكن الرجوع إلى العموم لا مجال للرجوع للاستصحاب في الزمان الثاني لأنه من باب إسراء الحكم الثابت لموضوع إلى موضوع آخر وهو قياس لا استصحاب.
ولا يخفى أن العموم فيما نحن فيه أعني * (أوفوا بالعقود) * (2) من قبيل الثاني، إذ لم